فإن لهم الرفيق الأعلى لا يشاركون فيه فانظر كيف أفردهم بمرافقة الرفيق الأعلى وذلك لأنهم العلماء والعلماء لهم رتبة مرافقة الأنبياء لأنهم ورثة الأنبياء ومرافقة الرفيق الأعلى للأنبياء ومن يلحق بهم ولذلك لما خير رسول الله A في مرض موته بين البقاء في الدنيا وبين القدوم على الله تعالى كان يقول أسألك الرفيق الأعلى // حديث لما خير في مرض موته كان يقول أسألك الرفيق الأعلى متفق عليه من حديث عائشة قالت كان النبي A يقول وهو صحيح إنه لم يقبض نبي حتى يرى مقعده من الجنة ثم يخير فلما نزل به ورأسه في حجري غشى عليه ثم أفاق فأشخص ببصره إلى سقف البيت ثم قال اللهم الرفيق الأعلى فعلمت أنه لا يختارنا وعرفت أنه الحديث الذي كان يحدثنا وهو صحيح الحديث // .
فإذن إن نظر إلى مثمره فهو العلم وإن نظر إلى ثمرته فالورع والتقوى ولا يخفى ما ورد في فضائلهما حتى إن العاقب صارت موسومة بالتقوى مخصوصة بها كما صار الحمد مخصوصا بالله تعالى والصلاة برسول الله A حتى يقال الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة على سيدنا محمد A وآله أجمعين .
وقد خصص الله تعالى التقوى بالإضافة إلى نفسه فقال تعالى لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم وإنما التقوى عبارة عن كف بمقتضى الخوف كما سبق ولذلك قال تعالى إن أكرمكم عند الله أتقاكم ولذلك أوصى الله تعالى الأولين والآخرين بالتقوى فقال تعالى ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله وقال D وخافون إن كنتم مؤمنين فأمر بالخوف وأوجبه وشرطه في الإيمان .
فلذلك لا يتصور أن ينفك مؤمن عن خوف وإن ضعف ويكون ضعف خوفه بحسب ضعف معرفته وإيمانه وقال رسول الله A في فضيلة التقوى وإذا جمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم فإذا هم بصوت يسمع أقصاهم كما يسمع أدناهم فيقول يا أيها الناس إني قد أنصت لكم مند خلقتكم إلى يومكم هذا فأنصتوا إلي اليوم إنما هي أعمالكم ترد عليكم أيها الناس إني قد جعلت نسبا وجعلتم نسبا فوضعتم نسبي ورفعتم نسبكم قلت إن أكرمكم عند الله أتقاكم وأبيتم إلا أن تقولوا فلان بن فلان وفلان أغنى من فلان فاليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي أين المتقون فيرفع للقوم لواء فيتبع القوم لواءهم إلى منازلهم فيدخلون الجنة بغير حساب // حديث إذا جمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم ناداهم بصوت يسمعه أقصاهم كما يسمعه أدناهم فيقول يا أيها الناس إني قد أنصت إليكم منذ خلقتكم إلى يومكم هذا فأنصتوا إلي اليوم إنما هي أعمالكم ترد عليكم أيها الناس إني جعلت نسبا الحديث أخرجه الطبراني في الأوسط والحاكم في المستدرك بسند ضعيف والثعلبي في التفسير مقتصرا على آخره إني جعلت نسبا الحديث من حديث أبي هريرة .
وقال A رأس الحكمة مخافة الله // حديث رأس الحكمة مخافة الله رواه أبو بكر بن لال الفقيه في مكارم الأخلاق والبيهقي في الشعب وضعفه من حديث ابن مسعود ورواه في دلائل النبوة من حديث عقبة بن عامر ولا يصح أيضا .
وقال A لابن مسعود إن أردت أن تلقاني فأكثر من الخوف بعدي // حديث إن أردت أن تلقاني فأكثر من الخوف بعدي قاله لابن مسعود لم أقف له على أصل .
وقال الفضيل من خاف الله دله الخوف على كل خير .
وقال الشبلي C ما خفت الله يوما إلا رأيت له بابا من الحكمة والعبرة ما رأيته قط .
وقال يحيى بن معاذ ما من مؤمن يعمل السيئة إلا ويلحقها حسنتان خوف العقاب ورجاء العفو كثعلب بين أسدين .
وفي خبر موسى E وأما الورعون فإنه لا يبقى أحد إلا ناقشته الحساب وفتشت عما في يديه إلا الورعين فإني أستحي منهم وأجلهم أن أوقفهم للحساب .
والورع والتقوى أسام اشتقت من معان شرطها الخوف فإن خلت عن الخوف لم تسم بهذه الأسامي وكذلك ما ورد في فضائل الذكر لا يخفى وقد جعله الله تعالى مخصوصا بالخائفين فقال سيذكر من يخشى