وقال تعالى ولمن خاف مقام ربه جنتان وقال A قال الله D وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين ولا أجمع له أمنين فإن أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة وإن خافتي في الدنيا أمنته يوم القيامة // حديث لا أجمع على عبدي خوفين ولا أجمع له أمنين أخرجه ابن حبان في صحيحه والبيهقي في الشعب من حديث أبي هريرة ورواه ابن المبارك في الزهد وابن أبي الدنيا في كتاب الخائفين من رواية الحسن مرسلا .
وقال A من خاف الله تعالى خافه كل شيء ومن خاف غير الله خوفه الله من كل شيء // حديث من خاف الله خافه كل شيء الحديث رواه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب من حديث أبي أمامة بسند ضعيف جدا ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب الخائفين بإسناد ضعيف معضل وقد تقدم .
وقال A أتمكم عقلا أشدكم خوفا لله تعالى وأحسنكم فيما أمر الله تعالى به ونهى عنه نظرا // حديث أتمكم عقلا أشدكم لله خوفا الحديث لم أقف له على أصل ولم يصح في فضل العقل شيء // .
وقال يحيى بن معاذ رحمة الله عليه مسكين ابن آدم لو خاف النار كما يخاف الفقر دخل الجنة .
وقال ذو النون C تعالى من خاف الله تعالى ذاب قلبه واشتد حبه وصح له لبه .
وقال ذو النون أيضا ينبغي أن يكون الخوف أبلغ من الرجاء فإذا غلب الرجاء تشوش القلب وكان أبو الحسين الضرير يقول علامة السعادة خوف الشقاوة لأن الخوف زمام بين الله تعالى وبين عبده فإذا انقطع زمامه هلك مع الهالكين .
وقيل ليحيى بن معاذ من آمن الخلق غدا فقال أشدهم خوفا اليوم .
وقال سهل C لا تجد الخوف حتى تأكل الحلال .
وقيل للحسن يا أبا سعيد كيف نصنع نجالس أقواما يخوفونا حتى تكاد قلوبنا تطير فقال والله إنك إن تخالط أقواما يخوفونك حتى يدركك أمن خير لك من أن تصحب أقواما يؤمنونك حتى يدركك الخوف .
وقال أبو سليمان الداراني C ما فارق الخوف قلبا إلا خرب .
وقالت عائشة Bها قلت يا رسول الله الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة هو الرجل يسرق ويزني قال لا بل الرجل يصوم ويصلي ويتصدق ويخاف أن لا يقبل منه // حديث عائشة قلت يا رسول الله الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة هو الرجل يسرق ويزني قال لا الحديث رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم وقال صحيح الإسناد قلت بل منقطع بين عائشة وبين عبد الرحمن بن سعد بن وهب قال الترمذي وروي عن الرحمن بن حازم عن أبي هريرة .
والتشديدات الواردة في الأمن من مكر الله وعذابه لا تنحصر وكل ذلك ثناء على الخوف لأن مذمة الشيء ثناء على ضده الذي ينفيه وضد الخوف الأمن كما أن ضد الرجاء اليأس وكما دلت مذمة القنوط على فضيلة الرجاء فكذلك تدل مذمة الأمن على فضيلة الخوف المضاد له بل نقول كل ما ورد في فضل الرجاء فهو دليل على فضل الخوف لأنهما متلازمان فإن كل من رجا محبوبا فلابد وأن يخاف فوته فإن كان لا يخاف فوته فهو إذا لا يحبه فلا يكون بانتظاره راجيا فالخوف والرجاء متلازمان يستحيل انفكاك أحدهما عن الآخر نعم يجوز أن يغلب أحدهما على الآخر وهما مجتمعان ويجوز أن يشتغل القلب بأحدهما ولا يلتفت إلى الآخر في الحال لغفلته عنه وهذا لأن من شرط الرجاء الخوف تعلقهما بما هو مشكوك فيه إذ المعلوم لا يرجى ولا يخاف فإذن المحبوب الذي يجوز وجوده يجوز عدمه لا محالة فتقدير وجوده يروح القلب وهو الرجاء وتقدير عدمه يوجع القلب وهو الخوف والتقدير أن يتقابلان لا محالة إذا كان ذلك الأمر المنتظر مشكوكا فيه نعم أحد طرفي الشك قد يترجح على الآخر بحضور بعض الأسباب ويسمى ذلك ظنا فيكون ذلك سبب غلبة أحدهما على الآخر فإذا غلب على الظن وجود المحبوب قوى الرجاء وخفي الخوف بالإضافة إليه وكذا بالعكس وعلى كل حال فهما متلازمان ولذلك قال تعالى ويدعوننا رغبا ورهبا وقال D يدعون ربهم خوفا وطمعا ولذلك عبر العرب عن الخوف