تعالى وزادها ماذا كان يرده ويحجزه فليشكر إذ لم تكن أعظم منها فى الدنيا الثاني أنه كان يمكن أن تكون مصيبته فى دينه قال رجل لسهل رضى الله تعالى عنه دخل اللص بيتى وأخذ متاعى فقال اشكر الله تعالى لو دخل الشيطان قلبك فأفسد التوحيد ماذا كنت تصنع ولذلك استعاذ عيسى E فى دعائه إذ قال اللهم لا تجعل مصيبتى فى دينى وقال عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه ما ابتليت ببلاء إلا كان لله تعالى على فيه أربع نعم إذ لم يكن فى دينى وإذ لم يكن أعظم منه وإذ لم أحرم الرضا به وإذ أرجو الثواب عليه وكان لبعض أرباب القلوب صديق فحبسه السلطان فأرسل إليه يعلمه ويشكو إليه فقال له اشكر الله فضربه فأرسل إليه يعلمه ويشكو إليه فقال اشكر الله فجىء بمجوسى فحبس عنده وكان مبطونا فقيد وجعل حلقة من قيده فى رجله وحلقة فى رجل المجوسى فأرسل إليه فقال اشكر الله فكان المجوسى يحتاج إلى أن يقوم مرات وهو يحتاج إلى أن يقوم معه ويقف على رأسه حتى يقضى حاجته فكتب إليه بذلك فقال اشكر الله فقال إلى متى هذا وأى بلاء أعظم من هذا فقال لو جعل الزنار الذى فى وسطه على وسطك ماذا كنت تصنع فإذن ما من إنسان أصيب ببلاء إلا ولو تأمل حق التأمل فى سوء أدبه ظاهرا وباطنا فى حق مولاه لكان يرى أنه يستحق أكثر مما أصيب به عاجلا وآجلا ومن استحق عليك أن يضربك مائة سوط فاقتصر على عشرة فهو مستحق للشكر ومن استحق عليك أن يقطع يديك فترك إحداهما فهو مستحق للشكر ولذلك مر بعض الشيوخ فى شارع فصب على رأسه طشت من رماد فسجد لله تعالى سجدة الشكر فقيل له ما هذه السجدة فقال كنت أنتظر أن تصب على النار فالاقتصار على الرماد نعمة وقيل لبعضهم لا تخرج إلى الاستسقاء فقد احتبست الأمطار فقال أنتم تستبطئون المطر وأنا استبطىء الحجر .
فإن قلت كيف أفرح وأرى جماعة ممن زادت معصيتهم على معصيتى ولم يصابوا بما اصبت به حتى الكفار فاعلم أن الكافر قد خبىء له ما هو أكثر وإنما أمهل حتى يستكثر من الإثم ويطول عليه العقاب كما قال تعالى إنما نملى لهم ليزدادوا إثما وأما المعاصى فمن أين تعلم أن فى العالم من هو أعصى منه ورب خاطر بسوء أدب فى حق الله تعالى وفى صفاته أعظم وأطم من شرب الخمر والزنا وسائر المعاصى بالجوارح ولذلك قال تعالى فى مثله وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم فمن أين تعلم أن غيرك أعصى منك ثم لعله قد أخرت عقوبته إلى الآخرة وعجلت عقوبتك فى الدنيا فلم لا تشكر الله تعالى على ذلك وهذا هو الوجه الثالث فى الشكر وهو أنه ما من عقوبة إلا وكان يتصور أن تؤخر إلى ألاخرة ومصائب الدنيا يتسلى عنها بأسباب أخر تهون المصيبة فيخف وقعها ومصيبة الآخرة تدوم وإن لم تدم فلا سبيل إلى تخفيفها بالتسلى إذ أسباب التسلى مقطوعة بالكلية فى الآخرة عن المعذبين ومن عجلت عقوبته فى الدنيا فلا يعاقب ثانيا إذ قال رسول الله A إن العبد إذا أذنب ذنبا فأصابته شدة أو بلاء فى الدنيا فالله أكرم من أن يعذبه ثانيا // حديث إن العبد إذا أذنب ذنبا فأصابه شدة وبلاء فى الدنيا فالله أكرم من أن يعذبه ثانيا أخرجه الترمذى وابن ماجه من حديث على من أصاب فى الدنيا ذنبا عوقب به فالله أعدل من أن يلي عقوبته على عبده الحديث لفظ ابن ماجه وقال الترمذي من أصاب حدا فعجل عقوبته فى الدنيا وقال حسن وللشيخين من حديث عبادة بن الصامت ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به فهو كفارة له الحديث // الرابع أن هذه المصيبة والبلية كانت مكتوبة عليه فى أم الكتاب وكان لا بد من وصولها إليه وقد وصلت ووقع الفراغ واستراح من بعضها أو من جميعها فهذه نعمة الخامس أن ثوابها