الرضا بقضاء الله قيل وكيف ذلك قال الراضي لا يتمنى فوق منزلته وقيل حبس الشبلى رحمة الله في المارستان فدخل عليه جماعة فقال من أنتم قالوا أحباؤك جاءوك زائرين فأخذ يرميهم بالحجاره فأخذوا يهربون فقال لو كنتم أحبائي لصبرتم على بلائي وكان بعض العارفين في جيبه رقعة يخرجها كل ساعة ويطالعها وكان فيها واصبر لحكم ربك فانك بأعيننا ويقال ان امرأة فتح الموصلي عثرت فانقطع ظفرها فضحكت فقيل لها أما تجدين الوجع فقالت إن لذة ثوابه أزالت عن قلبي مرارة وجعه وقال داود لسليمان عليهما السلام يستدل على تقوى المؤمن بثلاث حسن التوكل فيما لم ينل وحسن الرضا فيما قد نال وحسن الصبر فيما قد فات وقال نبينا Aمن اجلال الله ومعرفة حقه ان لا تشكو وجعك ولا تذكر مصيبتك // ويروى عن بعض الصالحين أنه خرج يوما وفي كمه صرة فافتقدها فإذا هي قد أخذت من كمه فقال بارك الله له فيها لعله أحوج اليها مني وروى عن بعضهم أنه قال مررت على سالم مولى أبي حذيفة في القتلى وبه رمق فقلت له أسقيك ماء فقال جرني قليلا إلى العدو واجعل الماء في الترس فاني صائم فان عشت الى الليل شربته فهكذا كان صبر سالكي طريق الآخرة على بلاء الله تعالى .
فان قلت فبماذا تنال درجة الصبر في المصائب وليس الامر الى اختياره فهو مضطر شاء أم أبى فإن كان المراد به أن لا تكون في نفسه كراهية المصيبة فذلك غير داخل في اختيار فاعلم أنه إنما يخرج عن مقام الصابرين بالجزع وشق الجيوب وضرب الخدود والمبالغة في الشكوى واظهار الكآبة وتغيير العادة في الملبس والمفرش والمطعم وهذه الامور داخلة تحت اختياره فينبغي ان يجتنب جميعها ويظهر الرضا بقضاء الله تعالى ويبقى مستمرا على عادته ويعتقد ان ذلك كان وديعة فاسترجعت كما روى عن الرميصاء ام سليم رحمها الله أنها قالت توفى ابن لى وزوجي أبو طلحة غائب فقمت فسجيته في ناحية البيت فقدم ابو طلحة فقمت فهيأت له إفطاره فجعل يأكل فقال كيف الصبي قلت بأحسن حال بحمد الله ومنه فإنه لم يكن منذ اشتكى بأسكن منه الليلة ثم تصنعت له أحسن ما كنت أتصنع له قبل ذلك حتى أصاب مني حاجته ثم قلت الا تعجب من جيراننا قال ما لهم قلت أعيروا عارية فلما طلبت منهم واسترجعت جزعوا فقال بئس ما صنعوا فقلت هذا ابنك كان عارية من الله تعالى وإن الله قد قبضه اليه فحمد الله واسترجع ثم غدا على رسول الله Aفأخبره فقال اللهم بارك لهما في ليلتهما // قال الراوي فلقد رأيت لهم بعد ذلك في المسجد سبعة كلهم قد قرءوا القرآن وروى جابر أنه عليه السلام قال رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء امرأة ابي طلحة وقد قيل الصبرالجميل هو ان لا يعرف صاحب المصيبة من غيره ولا يخرجه عن حد الصابرين توجع القلب ولا فيضان العين بالدمع اذ يكون من جميع الحاضرين لأجل الموت سواء ولأن البكاء توجع القلب على الميت فان ذلك مقتضى البشرية ولا يفارق الانسان الى الموت ولذلك لما مات إبراهيم ولد النبي Aفاضت عيناه فقيل له أما نهيتنا عن هذا فقال ان هذه رحمة وإنما يرحم الله من عباده الرحما بل ذلك ايضا لا يخرج عن مقام الرضا فالمقدم على الحجامة والفصد راض به وهو متألم بسببه لا محالة وقد تفيض عيناه اذا عظم ألمه وسيأتي