الخد الأيسر ومن اخذ رداءك فاعطه ازارك ومن سخرك لتسير معه ميلا فسر معه ميلين وكل ذلك أمر بالصبر على الاذى فالصبر على اذى الناس من أعلى مراتب الصبر لانه يتعاون فيه باعث الدين وباعث الشهوة والغضب جميعا .
القسم الثالث ما لا يدخل تحت حصر الاختيار اوله وآخره كالمصائب مثل موت الاعزة وهلاك الاموال وزوال الصحة بالمرض وعمى العين وفساد الاعضاء وبالجملة سائر انواع البلاء فالصبر على ذلك من أعلى مقامات الصبر قال ابن عباس Bهما الصبر في القران على ثلاثة أوجه صبر على أداء فرائض الله تعالى فله ثلثمائة درجة وصبر عن محارم الله تعالى فله ستمائة درجة وصبر على المصيبة عند الصدمة الاولى فله تسعمائة درجة وإنما فضلت هذه الرتبة مع انها من الفضائل على ما قبلها وهي من الفرائض لأن كل مؤمن يقدر على الصبر عن المحارم .
فأما الصبر على بلاء الله تعالى فلا يقدر عليه الا الأنبياء لأنه بضاعة الصديقين فان ذلك شديد على النفس ولذلك قال Aأسألك من اليقين ما تهون على به مصائب الدنيا // فهذا صبر مستنده حسن اليقين .
وقال ابو سليمان والله ما نصبر على ما نحب فكيف نصبر على ما نكره وقال النبي Aقال الله D اذا وجهت الى عبد من عبيدي مصيبة في بدنه او ماله وولده ثم استقبل ذلك بصبر جميل استحييت منه يوم القيامة ان انصب له ميزانا او انشر له ديوانا // وقال Aانتظار الفرج بالصبر عبادة // وقال Aما من عبد مؤمن اصيب بمصيبة فقال كما امر الله تعالى انا لله وانا اليه راجعون اللهم اؤجرني بمصيبتي واعقبني خيرا منها الا فعل الله به ذلك // وقال انس حدثني رسول الله Aإن الله D قال يا جبريل ما جزاء من سلبت كريمتيه قال سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا قال الله تعالى جزاؤه الخلود في داري والنظر الى وجهي // وقال Aيقول الله D إذا ابتليت عبدي ببلاء فصبر ولم يشكني الى عواده ابدلته لحما خيرا من لحمه ودما خيرا من دمه فاذا أبرأته ابرأته ولا ذنب له وإن توفيته فإلى رحمتي وقال داود عليه السلام يا رب ما جزاء الحزين الذي يصبر على المصائب ابتغاء مرضاتك قال جزاؤه أن ألبسه لباس الإيمان فلا أنزعه عنه ابدا وقال عمر بن عبد العزيز C في خطبته ما أنعم الله على عبد نعمة فانتزعها منه وعوضه منها الصبر الا كان ما عوضه منها أفضل مما انتزع منه وقرا خانما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب وسئل فضيل عن الصبر فقال هو