عمره سنة سنة وشهرا شهرا ويوما يوما ونفسا نفسا وينظر الى الطاعات ما الذى قصر فيه منها والى المعاصى ما الذى قارفه منها .
فان كان قد ترك صلاة أو صلاها فى ثوب نجس أو صلاها في بنية غير صحيحة لجهله بشرط النية فيقضيها عن آخرها فإن شك في عدد ما فاته منها حسب من مدة بلوغه وترك القدر الذى يستيقن انه أداه ويقضى الباقى وله أن يأخذ فيه بغالب الظن ويصل اليه على سبيل التحرى والاجتهاد .
وأما الصوم فإن كان قد تركه في سفر ولم يقضه أو أفطر عمدا أو نسى النبة بالليل ولم يقض فيتعرف مجموع ذلك بالتحرى والاجتهاد ويشتغل بقضائه .
وأما الزكاة فيحسب جميع ماله وعدد السنين من أول ملكه لا من زمان البلوغ فإن الزكاة واجبه في مال الصبى فيؤدي ما علم بغالب الظن انه في ذمته فإن أداه لا على وجه يوافق مذهبه بأن لم يصرف الى الأصناف الثمانية أو أخرج البدل وهو على مذهب الشافعى C تعالى فيقضى جميع ذلك فإن ذلك لا يجزيه أصلا وحساب الزكاة ومعرفة ذلك يطول ويحتاج فيه الى تأمل شاف ويلزمه ان يسأل عن كيفية الخروج عنه من العلماء .
وأما الحج فإن كان قد استطاع فى بعض السنين ولم يتفق له الخروج والآن قد افلس فعليه الخروج فإن لم يقدر مع الإفلاس فعليه أن يكتسب من الحلال قدر الزاد فإن لم يكن له كسب ولا مال فعليه أن يسأل الناس ليصرف إليه الزكاة أو الصدقات ما يحج به فإن إن مات قبل الحج مات عاصيا قال عليه السلام من مات ولم يحج فليمت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا // حديث من مات ولم يحج فليمت إن شاء يهوديا الحديث تقدم فى الحج // والعجز الطارىء بعد القدرة لا يسقط عنه الحج فهذا طريق تفتيشه عن الطاعات وتداركها .
وأما المعاصى فيجب أن يفتش من أول بلوغه عن سمعه وبصره ولسانه وبطنه ويده ورجله وفرجه وسائر جوارحه ثم ينظر في جميع أيامه وساعاته ويفصل عند نفسه ديوان معاصيه حتى يطلع على جميعها صغائرها وكبائرها ثم ينظر فيها فما كان من ذلك بينه وبين الله تعالى من حيث لا يتعلق بمظلمة العباد كنظر الى غير محرم وقعود في مسجد مع الجنابة ومس مصحف بغير وضوء واعتقاد بدعة وشرب خمر وسماع ملاه وغيره ذلك مما لا يتعلق بمظالم العباد فالتوبة عنها بالندم والتحسر عليها وبأن يحسب مقدارها من حيث الكبر ومن حيث المدة ويطلب لكل معصية منها حسنة تناسبها فيأتى من الحسنات بمقدار تلك السيئات أخذا من قوله Aاتق الله حيث كنت وأتبع السيئة تمحها // حديث اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها أخرجه الترمذى من حديث أبى ذر وصححه وتقدم أوله في آداب الكسب وبعضه فى أوائل التوبة وتقدم فى رياضة النفس // بل من قوله تعالى إن الحسنات يذهبن السيئات فيكفر سماع الملاهى بسماع القرآن وبمجالس الذكر ويكفر القعود في المسجد جنبا بالاعتكاف فيه مع الاشتغال بالعبادة ويكفر مس المصحف محدثا بإكرام المصحف وكثرة قراءة القرآن منه وكثرة تقبيله بأن يكتب مصحفا ويجعله وقفا ويكفر شرب الخمر بالتصدق بشراب حلال هو أطيب منه وأحب إليه وعد جميع المعاصى غير ممكن وإنما المقصود سلوك الطريق المضادة فإن المرض يعالج بضده فكل ظلمة ارتفعت إلى القلب بمعصية فلا يمحوها إلا نور يرتفع إليها بحسنة تضادها والمتضادات هى المتناسبات فلذلك ينبغى أن تمحى كل سيئة بحسنة من جنسها لكن تضادها فإن البياض يزال بالسواد لا بالحرارة والبرودة وهذا التدريج والتحقيق من التلطف فى طريق المحو فالرجاء فيه أصدق والثقة