الكبيرة الخمسون : البغي .
قال الله تعالى : { إنما السبيل على الذين يظلمون الناس و يبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم } .
و قال النبي صلى الله عليه و سلم : [ إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد و لا يفخر أحد على أحد ] رواه مسلم .
و في الأثر : لو بغى جبل على جبل لجعل الله الباغي منهما دكا .
و قال صلى الله عليه و سلم : [ ما من ذنب أجدر أن يجعل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة من البغي و قطيعة الرحم ] .
و قد خسف الله بقارون الأرض حين بغى على قومه فقد أخبر الله تعالى عنه بقوله : { إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم } إلى قوله : { فخسفنا به و بداره الأرض } الآية قال ابن الجوزي C : في بغي قارون أقوال أحدها : أنه جعل للبغية جعلا على أن تقذف موسى عليه السلام بنفسها ففعلت فاستحلفها موسى على ما قالت فاخبرته بقصتها مع قارون و كان هذا بغية قاله ابن عباس .
و الثاني : أنه بغى بالكفر بالله عز و جل قاله الضحاك .
و الثالث : بالكفر قاله قتادة .
و الرابع : أنه أطال ثيابه شبرا قاله عطاء الخرساني أنه كان يخدم فرعون فاعتدى على بني اسرائيل فظلمهم حكاه الماوردي .
قوله { فخسفنا به و بداره الأرض } الآية لما أمر قارون البغية بقذف موسى على ما سبق شرحه غضب موسى فدعا عليه فأوحى الله إليه : إني قد أمرت الأرض أن تعطيك فمرها فقال موسى : يا أرض خذيه فأخذته حتى غيبت سريره فلما رأى قارون ذلك ناشد موسى بالرحم فقال : يا أرض خذيه فأخذته حتى غيبت قدميه فما زال يقول : يا أرض خذيه حتى غيبته فأوحى الله إليه : يا موسى و عزتي و جلالي لو استغاث بي لأغثته ! قال ابن عباس فخسفت به الأرض إلى الأرض السفلى قال سمرة بن جندب : إنه كل يوم يخسف به قامة قال مقاتل : فلما هلك قارون قال بنو اسرائيل إنما أهلكه موسى ليأخذ ماله و داره فخسف الله بداره و ماله بعد ثلاثة أيام .
{ فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله } أي يمنعونه من الله { و ما كان من المنتصرين } أي من الممتنعين مما أنزل به و الله أعلم .
اللهم إنك إذا قبلت سلمت و إذا أعرضت أسلمت و إذا وفقت أهمت و إذا خذلت إتهمت .
اللهم اذهب ظلمة ذنوبنا بنور معرفتك و هداك و اجعلنا ممن أقبلت عليه فأعرض عمن سواك و اغفر لنا و لوالدينا و سائر المسلمين آمين