ثم لما ذكر سبحانه ما شرعه لهم من إقامة الدين وعدم التفرق فيه ذكر ما وقع في التفرق والاختلاف فقال : 14 - { وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم } أي ما تفرقوا إلا عن علم بأن الفرقة ضلالة ففعلوا ذلك التفرق للبغي بينهم بطلب الرياسة وشدة الحمية قيل المراد قريش هم الذين تفرقوا بعد ما جاءهم العلم وهو محمد A { بغيا } منهم عليه وقد كانوا يقولون ما حكاه الله عنهم بقوله : { وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير } الآية وبقوله : { فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به } وقيل المراد أمم الأنبياء المتقدمين وأنهم فيما { بينهم } اختلفوا لما طال بهم المدى فآمن قوم وكفر قوم وقيل اليهود والنصارى خاصة كما في قوله : { وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة } { ولولا كلمة سبقت من ربك } وهي تأخير العقوبة { إلى أجل مسمى } وهو يوم القيامة كما في قوله : { بل الساعة موعدهم } وقيل إلى الأجل الذي قضاه الله لعذابهم في الدنيا بالقتل والأسر والذل والقهر { لقضي بينهم } أي لوقع القضاء بينهم بإنزال العقوبة بهم معجلة وقيل لقضى بين من آمن منهم ومن كفر بنزول العذاب بالكافرين ونجاة المؤمنين { وإن الذين أورثوا الكتاب } من اليهود والنصارى { من بعدهم } من بعد من قبلهم من اليهود والنصارى { لفي شك منه } أي من القرآن أو من محمد { مريب } موقع في الريب لذلك لم يؤمنوا وقال مجاهد : معنى من بعدهم من قبلهم : يعني من قبل مشركي مكة وهم اليهود والنصارى وقيل المراد كفار المشركين من العرب الذين أورثوا القرآن من بعد ما أورث أهل الكتاب كتابهم وصفهم بأنه في شك من القرآن مريب قرأ الجمهور { أورثوا } وقرأ زيد بن علي ورثوا بالتشديد