الخطاب في قوله : 13 - { شرع لكم من الدين } لأمة محمد A : أي بين وأوضح لكم من الدين { ما وصى به نوحا } من التوحيد ودين الإسلام وأصول الشرائع التي لم يختلف فيها الرسل وتوافقت عليها الكتب { والذي أوحينا إليك } من القرآن وشرائع الإسلام والبراءة من الشرك والتعبير عنه بالموصول لتفخيم شأنه وخص ما شرعه لنبينا A بالإيحاء مع كون ما بعده وما قبله مذكورا بالتوصية للتصريح برسالته { وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى } مما تطابقت عليه الشرائع ثم بين ما وصى به هؤلاء فقال : { وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى } مما تطابقت عليه الشرائع ثم بين ما وصى به هؤلاء فقال : { أن أقيموا الدين } أي توحيد الله والإيمان به وطاعة رسله وقبول شرائعه وأن هي المصدرية وهي وما بعدها في محل رفع على الخبرية لمبتدأ محذوف كأنه قيل ما ذلك الذي شرعه الله ؟ فقيل هو إقامة الدين أو هي في محل نصب بدلا من الموصول أو في محل جر بدلا من الدين أو هي المفسرة لأنه قد تقدمها فيه معنى القول قال مقاتل : يعني التوحيد قال مجاهد : لم يبعث الله نبيا قط إلا وصاه بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والإقرار لله بالطاعة فذلك دينه الذي شرع لهم وقال قتادة : يعني تحليل الحلال وتحريم الحرام وخص إبراهيم وموسى وعيسى بالذكر مع نبينا A لأنهم أرباب الشرائع ثم لما أمرهم سبحانه بإقامة الدين نهاهم عن الاختلاف فيه فقال : { ولا تتفرقوا فيه } أي لا تختلفوا في التوحيد والإيمان بالله وطاعة رسله وقبول شرائعه فإن هذه الأمور قد تطابقت عليها الشرائع وتوافقت فيها الأديان فلا ينبغي الخلاف في مثلها وليس من هذا فروع المسائل التي تختلف فيها الأدلة وتتعارض فيها الأمارات وتتباين فيها الأفهام فإنها من مطارح الاجتهاد ومواطن الخلاف ثم ذكر سبحانه أن ما شرعه من الدين شق على المشركين فقال : { كبر على المشركين ما تدعوهم إليه } أي عظم وشق عليهم ما تدعوهم إليه من التوحيد ورفض الأوثان قال قتادة : كبر على المشركين واشتد عليهم شهادة أن لا إله إلا الله وحده وضاق بها إبليس وجنوده فأبى الله إلا أن ينصرها ويعليها ويظهرها ويظفرها على من ناوأها ثم خص أولياءه فقال : { الله يجتبي إليه من يشاء } أي يختار والاجتباء الاختيار والمعنى : يختار لتوحيده والدخول في دينه من يشاء من عباده { ويهدي إليه من ينيب } أي يوفق لدينه ويستخلص لعبادته من يرجع إلى طاعته ويقبل إلى عبادته