ثم أخبر سبحانه أن علم القيامة ووقت قيامها لا يعلمه غيره فقال : 47 - { إليه يرد علم الساعة } فإذا وقع السؤال عنها وجب على المسؤول أن يرد علمها إليه لا إلى غيره وقد روي أن المشركين قالوا : يا محمد إن كنت نبيا فخبرنا متى تقوم الساعة ؟ فنزلت وما في قوله : { وما تخرج من ثمرات من أكمامها } نافية ومن الأولى للاستغراق ومن الثانية لابتداء الغاية وقيل هي موصولة في محل جر عطفا على الساعة : أي علم الساعة وعلم التي تخرج والأول أولى والأكمام جمع كم بكسر الكاف وهو وعاء الثمرة ويطلق على كل ظرف لمال أو غيره قال أبو عبيدة : أكمامها أوعيتها وهي ما كانت فيه الثمرة واحدها كم وكمة قال الراغب : الكم ما يغطي اليد من القميص وما يغطي الثمرة وجمعه أكمام وهذا يدل على أن الكم بضم الكاف لأنه جعله مشتركا بين كم القميص وكم الثمرة ولا خلاف في كم القميص أنه بالضم ويمكن أن يقال : إن في الكم الذي هو وعاء الثمر لغتين ؟ قرأ الجمهور { من ثمرة } بالإفراد وقرأ نافع وابن عامر وحفص بالجمع { وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه } أي ما تحمل أنثى حملا في بطنها ولا تضع ذلك الحمل إلا بعلم الله سبحانه والاستثناء مفرغ من أعم الأحوال : أي ما يحدث شيء من خروج ثمرة ولا حمل حامل ولا وضع واضع في حال من الأحوال إلا كائنا بعلم الله فإليه يرد علم الساعة كما إليه يرد علم هذه الأمور { ويوم يناديهم } أي ينادي الله سبحانه المشركين وذلك يوم القيامة فيقول لهم : { أين شركائي } الذين كنتم تزعمون أنهم شركائي في الدنيا من الأصنام وغيرها فادعوهم الآن فليشفعوا لكم أو يدفعوا عنكم العذاب وهذا على طريقة التهكم بهم قرأ الجمهور { شركائي } بسكون الياء وقرأ ابن كثير بفتحها والعامل في يوم محذوف : أي اذكر { قالوا آذناك ما منا من شهيد } يقال آذن يأذن : إذا أعلم ومنه قول الشاعر : .
( آذنتنا ببينها أسماء ... رب ثاو يمل منه الثواء ) .
والمعنى : أعلمناك ما منا أحد يشهد بأن لك شريكا وذلك أنهم لما عاينوا القيامة تبرأوا من الشركاء وتبرأت منهم تلك الأصنام التي كانوا يعبدونها وقيل إن القائل بهذا هي المعبودات التي كانوا يعبدونها : أي ما منا من شهيد يشهد لهم بأنهم كانوا محقين والأول أولى