@ 376 @ وقوله : { وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِى السَّمَآءِ } ، إلى غير ذلك من الآيات . .
وقرأ هذا الحرف نافع ، وابن عامر ، وابن كثير ، وأبو عمر : { فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى مَن يُضِلُّ } بضم الياء وفتح الدال . من ( يُهدَى ) مبيناً للمفعول . وقوله : { مِنْ } نائب الفاعل . والمعنى : أن من أضله الله لا يهدى ، أي لا هادي له . .
وقرأه عاصم ، وحمزة ، والكسائي بفتح الياء وكسر الدال ، من ( يَهدِي ) مبنياً للفاعل . وقوله : { مِنْ } مفعول به ليهدي ، والفاعل ضمير عائد إلى الله تعالى . والمعنى : أن من أضله الله لا يهديه الله . وهي على هذه القراءة فيمن سبقت لهم الشقاوة في علم الله . لأن غيرهم قد يكون ضالاً ثم يهديه الله كما هو معروف . وقال بعض العلماء : لا يهدي من يضل ما دام في إضلاله له . فإن رفع الله عنه الضلالة وهداه فلا مانع من هداه . والعلم عند الله تعالى . قوله تعالى : { وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللَّهُ مَن يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا } . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن الكفار حلفوا جهد أيمانهم أي اجتهدوا في الحلف وغلظوا الأيمان على أن الله لا يبعث من يموت . وكذبهم الله جل وعلا في ذلك بقوله : { بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا } ، وكرر في آيات كثيرة هذا المعنى المذكور هنا من إنكارهم للبعث وتكذيبه لهم في ذلك ، كقوله : { زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَن لَّن يُبْعَثُواْ قُلْ بَلَى وَرَبِّى لَتُبْعَثُنَّ } ، وقوله : { كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ } ، وقوله : { وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِىَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحىِ الْعِظَامَ وَهِىَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِى أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } ، وقوله : { فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِى فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } والآيات بمثل هذا كثيرة جداً . .
وقوله : { بَلَى } نفي لنفيهم البعث كما قدمنا . وقوله : { وَعْداً } مصدر مؤكد لما دلت عليه ( بلى ) . لأن ( بلى ) تدل على نفي قولهم : لا يبعث الله من يموت . ونفي هذا النفي إثبات ، معناه : لتبعثن . وهذا البعث المدلول على إثباته بلفظة ( بلى ) فيه معنى وعد الله بأنه سيكون . فقوله : { وَعْداً } مؤكد له . وقوله : { حَقّاً } مصدر أيضاً . أي وعد الله بذلك وعداً ، وحقه حقاً ، وهو