@ 375 @ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى } ، وقوله : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ } ، إلى غير ذلك من الآيات . قوله تعالى : { فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ } . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن الأمم التي بعث فيها الرسل بالتوحيد منهم سعيد ، ومنهم شقي . فالسعيد منهم يهديه الله إلى اتباع ما جاءت به الرسل ، والشقي منهم يسبق عليه الكتاب فيكذب الرسل ، ويكفر بما جاؤوا به . فالدعوة إلى دين الحق عامة ، والتوفيق للهدى خاص . كما قال تعالى : { وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } . فقوله : { فَمِنْهُمْ } أي من الأمم المذكورة في قوله : { فِى كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً } ، وقوله : { مَّنْ هَدَى اللَّهُ } أي وفقه لاتباع ما جاءت به الرسل . والضمير المنصوب الذي هو رابط الصلة بالموصول محذوف . أي فمنهم من هداه الله . على حد قوله في الخلاصة : مَّنْ هَدَى اللَّهُ } أي وفقه لاتباع ما جاءت به الرسل . والضمير المنصوب الذي هو رابط الصلة بالموصول محذوف . أي فمنهم من هداه الله . على حد قوله في الخلاصة : % ( والحذف عندهم كثير منجلي % في عائد متصل إن انتصب ) % .
وقوله : { وَمِنْهُمْ مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ } أي وجبت عليه ولزمته . لما سبق في علم الله من أنه يصير إلى الشقاوة . والمراد بالضلالة : الذهاب عن طريق الإسلام إلى الكفر . .
وقد بين تعالى هذا المعنى في آيات أخر . كقوله : { هُوَ الَّذِى خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ } ، وقوله : { فَمِنْهُمْ شَقِىٌّ وَسَعِيدٌ } ، وقوله : { فَرِيقٌ فِى الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِى السَّعِيرِ } ، إلى غير ذلك من الآيات . قوله تعالى : { إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى مَن يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } . ذكر جل وعلا في هذه الآية : أن حرص النَّبي صلى الله عليه وسلم على إسلام قومه لا يهدي من سبق في علم الله أنه شقي . .
وأوضح هذا المعنى في مواضع أخر . كقوله : { إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَاكِنَّ اللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَآءُ } ، وقوله : { وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُوْلَائِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِى الدُّنْيَا خِزْىٌ وَلَهُمْ فِى الاٌّ خِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } ، وقوله : { مَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِى طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } ،