@ 377 @ مؤكد أيضاً لما دلت ( بلى ) . واللام في قوله : { لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِى يَخْتَلِفُونَ فِيهِ } ، وفي قوله : { وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُواْ } ، تتعلق بقوله : ( بلى ) أي يبعثهم ليبين لهم . . إلخ . والضمير في قوله : { لَهُمْ } عائد إلى من يموت . لأنه شامل للمؤمنين والكافرين . .
وقال بعض العلماء : اللام في الموضعين تتعلق بقوله : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِى كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً } . أي بعثناه ليبين لهم . . إلخ والعلم عند الله تعالى . قوله تعالى : { إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَىْءٍ إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أنه لا يتعاصى على قدرته شيء ، وإذ يقول للشيء ( كن ) فيكون بلا تأخير . وذلك أن الكفار لما { وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللَّهُ مَن يَمُوتُ } ، ورد الله عليهم كذبهم بقوله : { بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا } بين أنه قادر على كل شيء ، وأنه كلما قال لشيء ( كن ) كان . .
وأوضح هذا المعنى في مواضع أخر . كقوله في الرد على من قال { مَن يُحىِ الْعِظَامَ وَهِىَ رَمِيمٌ } : { إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } . .
وبين أنه لا يحتاج أن يكرر قوله : ( كن ) بل إذا قال للشيء ( كن ) مرة واحدة ، كان في أسرع من لمح البصر في قوله : { وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ } ، ونظيره قوله : { وَمَآ أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ } ، وقال تعالى : { إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } ، وقال : { مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ } ، إلى غير ذلك من الآيات . .
وعبر تعالى عن المراد قبل وقوعه باسم الشيء . لأن تحقق وقوعه كالوقوع بالفعل . فلا تنافي الآية إطلاق الشيء على خصوص الموجود دون المعدوم . لأنه لما سبق في علم الله أنه يوجد ذلك الشيء ، وأنه يقول له كن فيكون كان تحقق وقوعه بمنزلة وقوعه . أو لأنه أطلق عليه اسم الشيء باعتبار وجوده المتوقع ، كتسمية العصير خمراً في قوله : { إِنِّى أَرَانِى أَعْصِرُ خَمْرًا } نظراً إلى ما يؤول إليه في ثاني حال . وقرأ هذا الحرف ابن عامر والكسائي ( فيكون ) بفتح النون منصوباً بالعطف على قوله : أن نقول