@ 323 @ ما يكون العيد من ربه في حال كونه في السجود . .
قال مسلم في صحيحه : وحدثنا هارون بن معروف ، وعمرو بن سواد قالا : حدثنا عبد الله بن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن عمارة بن غزية ، عن سمي مولى أبي بكر ، أنه سمع أبا صالح ذكوان يحدث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، فأكثروا الدعاء ) . .
تنبيه .
اعلم أن ترتيبه جل وعلا الأمر بالتسبيح والسجود على ضيق صدره صلى الله عليه وسلم بسبب ما يقولون له من السوء دليل على أن الصلاة والتسبيح سبب لزوال ذلك المكروه ، ولذا كان صلى الله عليه وسلم إذا حز به أمر بادر إلى الصلاة . وقال تعالى : { وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلَواةِ } . .
ويؤيد هذا ما رواه الإمام أحمد ، وأبو داود ، والنسائي من حديث نعيم بن همار رضي الله عنه ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( قال الله تعالى : يا ابن آدم لا تعجز عن أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره ) فينبغي للمسلم إذا أصابه مكروه أن يفزع إلى الله تعالى بأنواع الطاعات من صلاة وغيرها . قوله تعالى : { وَاعْبُدْ رَبَّكَ } . أمر الله جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يعبد ربه ، أي يتقرب له على وجه الذل والخضوع والمحبة بما أمر أن يتقرب له به من جميع الطاعات على الوجه المشروع . وجل القرآن في تحقيق هذا الأمر الذي هو حظ الإثبات من لا إله إلا الله ، مع حظ النفي منها . وقد بين القرآن أن هذا لا ينفع إلا مع تحقيق الجزء الثاني من كلمة التوحيد ، الذي هو حظ النفي منها . وهو خلع جميع المعبودات سوى الله تعالى في جميع أنواع العبادات . قال تعالى : { فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ } ، وقال { فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ } ، وقال : { وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً } ، وقال { فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى } ، وقال : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ } والآيات في مثل ذلك كثيرة جداً . قوله تعالى : { حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } . قالت جماعة من أهل العلم ، منهم سالم بن عبد الله بن عمر ، ومجاهد ، والحسن ، وقتادة ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهم :