@ 322 @ جل وعلا عن كل ما لا يليق بجلاله وكماله . ومعنى سبح : نزه ربك جل وعلا عن كل ما لا يليق بكماله وجلاله . وقوله { بِحَمْدِ رَبّكَ } أي في حال كونك متلبساً بحمد ربك ، أي بالثناء عليه بجميع ما هو أهله من صفات الكمال والجلال ، لأن لفظة { بِحَمْدِ رَبّكَ } أضيفت إلى معرفة فتعم جميع المحامد من كل وصف كمال وجلال ثابت لله جل وعلا . فتستغرق الآية الكريمة الثناء بكل كمال ، لأن الكمال يكون بأمرين : 15 أحدهما التخلي عن الرذائل ، والتنزه عما لا يليق ، وهذا معنى التسبيح . .
والثاني التحلي بالفضائل والاتصاف بصفات الكمال ، وهذا معنى الحمد ، فتم الثناء بكل كمال . .
ولأجل هذا المعنى ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( كلمتان خفيفتان على اللِّسان ، ثقيلتان في الميزان ، حبيبتان إلى الرَّحمان : سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم ) ، وكقوله في الثاني وهو السجود : { كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب } { وَمِنَ الَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً } وقوله : { وَاسْجُدُواْ لِلَّهِ الَّذِى خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } ويكثر في القرآن العظيم إطلاق التسبيح على الصلاة . .
وقالت جماعة من العلماء : المراد بقوله : { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ } أي صل له ، وعليه فقوله { وَكُنْ مِّنَ السَّاجِدِينَ } من عطف الخاص على العام والصلاة تتضمن غاية التنزيه ومنتهى التقديس . وعلى كل حال فالمراد بقوله { وَكُنْ مِّنَ السَّاجِدِينَ } أي من المصلين ، سواء قلنا إن المراد بالتسبيح الصلاة ، أو أعم منها من تنزيه الله عما لا يليق به . ولأجل كون المراد بالسجود الصلاة لم يكن هذا الموضع محل سجدة عند جمهور العلماء . خلافاً لمن زعم أنه موضع سجود . .
قال القرطبي في تفسيره : قال ابن العربي : ظن بعض الناس أن المراد بالأمر هنا السجود نفسه ، فرآى هذا الموضع محل سجود في القرآن ، وقد شاهدت الإمام بمحراب زكريا من البيت المقدس طهره الله يسجد في هذا الموضع ، وسجدت معه فيه ، ولم يره جماهير العلماء . .
قلت : قد ذكر أبو بكر النقاش أن ههنا سجدة عند أبي حذيفة ويمان بن رئاب ورأى أنها واجبة انتهى كلام القرطبي . .
وقد تقدم معنى السجود في سورة الرعد . وعلى أن المراد بالتسبيح الصلاة فالمسوغ لهذا الإطناب الذي هو عطف الخاص على العام هو أهمية السجود ، لأن أقرب