@ 190 @ ، كما يدل له قوله تعالى في نبينا صلى الله عليه وسلم : { النَّبِىُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } وفي قراءة أبي بن كعب : ( وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم ) وروي نحوها عن ابن عباس . وبهذا القول قال كثير من العلماء . .
وهذا القول تقربه قرينة وتبعده أخرى . أما القرينة التي تقربه فهي : أن بنات لوط لا تسع جميع رجال قومه كما هو ظاهر ، فإذا زوجهن لرجال بقدر عددهن بقي عامة رجال قومه لا أزواج لهم . فيتعين أن المراد عموم نساء قومه ، ويدل للعموم قوله : { أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ } وقوله : { لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَآءِ } ونحو ذلك من الآيات . .
وأما القرينة التي تبعده : فهي أن النَّبي ليس أباً للكافرات ، بل أبوة الأنبياء الدينية للمؤمنين دون الكافرين ، كما يدل عليه قوله : { النَّبِىُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ } . .
وقد صرح تعالى في الذاريات : بأن قوم لوط ليس فيهم مسلم إلا أهل بيت واحد وهم أهل بيت لوط ، وذلك في قوله { فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ } . قوله تعالى : { قَالَ لَوْ أَنَّ لِى بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِى إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ قَالُواْ يالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ } . ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة : أن نبيه لوطاً وعظ قومه ونهاهم أن يفضحوه في ضيفه ، وعرض عليهم النساء وترك الرجال ، فلم يلتفوا إلى قوله ، وتمادوا فيما هم فيه من إرادة الفاحشة فقال لوط : { لَوْ أَنَّ لِى بِكُمْ قُوَّةً } . فأخبرته الملائكة بأنهم رسل ربه ، وأن الكفار الخبثاء لا يصلون إليه بسوء . .
وبين في القمر أنه تعالى طمس أعينهم ، وذلك في قوله : { وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُواْ عَذَابِى وَنُذُرِ } . قوله تعالى : { فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ الَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَآ أَصَابَهُمْ } . ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة : أنه أمر نبيه لوطاً أن يسري بأهله بقطع من الليل ، ولم يبين هنا هل هو من آخر الليل ، أو وسطه أو أوله ، ولكنه بين في القمر أن ذلك من آخر الليل وقت السحر ، وذلك في قوله : { إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ } . ولم يبين هنا أنه أمره أن يكون من ورائهم وهم أمامه ، ولكنه بين ذلك في