@ 191 @ الحجر بقوله : { فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ الَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ } . وقوله تعالى : { وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَآ أَصَابَهُمْ } . قرأه جمهور القراء { إِلاَّ امْرَأَتَكَ } بالنصب ، وعليه فالأمر واضح . لأنه استثناء من الأهل ، أي أسر بأهلك إلا امرأتك فلا تسر بها ، واتركها في قومها فإنها هالكة معهم . .
ويدل لهذا الوجه قوله فيها في مواضع . { كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ } والغابر : الباقي ، أي من الباقين في الهلاك . .
وقرأ أبو عمرو وابن كثير { إِلاَّ امْرَأَتَكَ } بالرفع على أنه بدل من { عَذَابَهُ أَحَدٌ } وعليه فالمعنى : أنه أمر لوطاً أن ينهي جميع أهله عن الالتفات إلا امرأته فإنه أوحى إليه أنها هالكة لا محالة ، ولا فائدة في نهيها عن الالتفات لكونها من جملة الهالكين . .
وعلى قراءة الجمهور فهو لم يسر بها . وظاهر قراءة أبي عمرو وابن كثير : أنه أسرى بها والتفتت فهلكت . .
قال بعض العلماء : لما سمعت هدة العذاب التفتت وقالت : واقوماه . فأدركها حجر فقتلها . .
قال مقيده عفا الله عنه الظاهر أن وجه الجمع بين القراءتين المذكورتين أن السر في أمر لوط بأن يسري بأهله هو النجاة من العذاب الواقع صبحاً بقوم لوط ، وامرأة لوط مصيبها ذلك العذاب الذي أصاب قومها لا محالة ، فنتيجة إسراء لوط بأهله لم تدخل فيها امرأته على كلا القولين ، وما لا فائدة فيه كالعدم ، فيستوي معنى أنه تركها ولم يسر بها أصلاً ، وأنه أسرى بها وهلكت مع الهالكين . .
فمعنى القولين راجع إلى أنها هالكة وليس لها نفع في إسراء لوط بأهله . فلا فرق بين كونها بقيت معهم ، أو خرجت وأصابها ما أصابهم . .
فإذا كان الإسراء مع لوط لم ينجها من العذاب ، فهي ومن لم يسر معه سواء والعلم عند الله تعالى . .
وقوله { فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ } قرأه نافع وابن كثير ( فاشر ) بهمزة وصل . من سرى يسري ، وقرأه جمهور القراء { فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ } بقطع الهمزة ، من أسرى الرباعي على وزن أفعل . وسرى وأسرى : لغتان وقراءتان صحيحتان سبعيتان ، ومن سرى الثلاثية ، قوله تعالى : { وَالَّيْلِ إِذَا يَسْرِ } فإن فتح ياء { يَسْرِ } يدل على أنه مضارع سرى