@ 185 @ الآخرة ، ولقد اتخذ من المرأة جسراً لكل ما يريد . وها هو يعيد الكرة في نزع اللباس عن أبوينا في الجنة ، فينتزعه عنهما في ظل بيت الله الحرام في طوافهم قبل البعثة ولا يزال يغويه ، وعن طريق المرأة في كل زمان ومكان ليخرجه عن الاستقامة كما أخرج أبويه من الجنة . .
ولا يزال يجلب على الإنسان بخيله ورجله باراً بقسمه بين يدي الله بعزته ليغوينهم أجمعين . .
وإن أخطر أبواب الفساد في المجتمعات لهي عن المال أو الدم أو العرض ، كما في الحديث في حجة الوداع : ( ألا إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا ) إلى آخره . .
وهل وجدت جناية على واحد منها ، إلا من تأثير الوسواس الخناس . اللَّهم لا . .
وهكذا في الآخرة . .
وقد بين تعالى الموقف جلياً في مقالة الشيطان البليغة الصريحة : { وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِىَ الاٌّ مْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِى فَلاَ تَلُومُونِى وَلُومُواْ أَنفُسَكُمْ مَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِىَّ إِنِّى كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ } . .
ولقد علم عدو المسلمين أن أخطر سلاح على الإنسان ، هو الشك ولا طريق إليه إلا بالوسوسة ، فأخذ عن إبليس مهمته وراح يوسوس للمسلمين في دينهم وفي دنياهم ، ويشككهم في قدرتهم على الحياة الكريمة مستقلين عنه ، ويشككهم في قدرتهم على التقدم والاستقلال الحقيقي ، بل وفي استطاعتهم على الإبداع والاختراع ، ليظلوا في فلكه ودائرة نفوذه ، فيبقى المسلمون يدورن في حلقة مفرغة ، يقدمون رجلاً ويؤخرون أخرى . .
والمتشكك في نتيجة عمل لا يقدم عليه أبداً ، بل ما يبنيه اليوم يهدمه غدًا ، وقد أعلن عن هذه النتيجة الخطيرة رئيس مؤتمر المستشرقين في الشرق الأوسط ، منذ أكثر من ثلاثين عاماً ، حينما انعقد المؤتمر في ( بيروت ) لعرض نتائج أعمالهم ودراسة أساليب تبشيرهم .