@ 186 @ .
فتشكى المؤتمرون من أن لهم زهاء أربعين سنة من عملهم المتواصل ، لم يستطيعوا أن ينصِّروا مسلماً ، واحداً ، فقال رئيس المؤتمر : إذا لم نستطع أن ننصِّر مسلماً ، ولكن استطعنا أن نوجد ذبذبة في الرأي ، فقد نجحنا في عملنا . .
وهكذا منهج العدو ، تشكيك في قضايا الإسلام ليوجد ذبذبة في عقيدة المسلمين ، فعن طريق الميراث تارة ، وعن طريق تعدد الزوجات أخرى ، وعن دوافع القتال ، وعن استرقاق الرقيق ، وعن وعن . .
حتى وجد من أبناء المسلمين من يتخطى حدود الشك إلى التصديق ، وأخذ يدعو إلى ما يدعو إليه العدو ، وما ذاك كله إلا حصاد ونتائج الوسواس الخناس . .
فلا غرو إذا أن تجمع الصفات الجليلة الثلاث : رب الناس ، ملك الناس ، إله الناس . .
هذه وجهة النظر الأولى بين سورتي الفلق والناس . .
أما الوجهة الثانية وهي بين سورة الناس ونسق المصحف الشريف ، بقوله تعالى : { الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } . .
وفي هذه البداية الكريمة بث الطمأنينة في القلب المعبر عنها بالحمد ، عنوان الرضى والسعادة والإقرار لله بالربوبية ، ثم الإيمان بالبعث والإقرار لله بملك يوم الدين ، ثم الالتزام بالعبادة لله وحده والالتجاء إليه مستعيناً به ، مستهدياً الصراط المستقيم ، سائلاً صحبة الذين أنعم عليهم . .
ثم يأتي بعدها مباشرة في أول سورة البقرة { ذَالِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ } ، أي إن الهدى الذي تنشده إلى الصراط المستقيم ، فهو في هذا الكتاب لا ريب فيه ، ثم بين المتقين الذين أنعم الله عليهم بقوله : { الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلواةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالأْخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ } . .
ومرة أخرى للتأكيد : أولئك لا سواهم على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون .