@ 178 @ موجودة في سورة الفاتحة ، فاتفقت الخاتمة مع الفاتحة في هذا المعنى العظيم ، إذ في الفاتحة الحمد للَّه رب العالمين ، وملك يوم الدين ، فجاءت صفة الربوبية والملك والألوهية في لفظ الجلالة . .
وتكون الخاتمة الشريفة من باب عود على بدء ، وأن القرآن كله فيما بين ذلك شرح وبيان لتقدير هذا المعنى الكبير . .
وسيأتي لذلك زيادة إيضاح في النهاية ، إن شاء الله تعالى . { مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ } . كلاهما صيغة مبالغة من الوسوسة والخنس ، بسكون النون . .
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان معنى الوسوسة ، والوسواس لغة وشرعاً ، أي المراد عند كلامه على قوله تعالى : { فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ ياأادَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ } . .
وبين مشتقاتهما وأصل اشتقاقهما ، وهو يدور على أن الوسوسة : الحديث الخفي . والخنس : التأخر ، كما تكلم على ذلك في دفع إيهام الاضطراب ، حيث اجتمع المعنيان المتنافيان . .
لأن الوسواس : كثير الوسوسة ، ليضل بها الناس . والخناس : كثير التأخر والرجوع عن إضلال الناس . .
وأجاب بأن لكل مقام مقالاً ، وأنه يوسوس عند غفلة العبد عن ذكر ربه ، خانس عند ذكر العبد ربه تعالى ، كما دل عليه قوله تعالى : { وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَانِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } ، إلى آخره . ا ه . { الَّذِى يُوَسْوِسُ فِى صُدُورِ النَّاسِ } . اختلف في الظرف هنا ، هل هو ظرف للوسواس حينما يوسوس ، فيكون موجوداً في الصدور ، ويوسوس للقلب ، أو هو ظرف للوسوسة . ويكون المراد بالصدور القلوب ، لكونها حالة في الصدور من باب إطلاق المحل ، وإرادة الحال على ما هو جار في الأساليب البلاغية .