@ 153 @ .
وكذلك فإن الحاجة إلى الولد بنفيها معنى الصمدية المتقدم ذكره ، ولو كان له والد لكان الوالد أسبق وأحق ، تعالى الله عن ذلك . .
وقد يقال : من جانب الممانعة العقلية لو افترض على حد قوله : { قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَانِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ الْعَابِدِينَ } . .
فنقول على هذا الافتراض : لو كان له ولد فما مبدأ وجود هذا الولد وما مصيره ؟ فإن كان حادثاً فمتى حدوثه ؟ وإن كان قديماً تعدد القدم ، وهذا ممنوع . .
ثم إن كان باقياً تعدد البقاء ، وإن كان منتهياً فمتى انتهاؤه ؟ .
وإذا كان مآله إلى الانتهاء فما الحاجة إلى إيجاده مع عدم الحاجة إليه ، فانتفى اتخاذ الولد عقلاً ونقلاً ، كما انتفت الولادة كذلك عقلاً ونقلاً . .
وقد أورد بعض المفسرين سؤالاً في هذه الآية ، وهو لماذا قدم نفي الولد على نفي الولادة ؟ مع أن الأصل في المشاهد أن يولد ثم يلد ؟ .
وأجاب بأنه من تقديم الأهم لأنه رد على النصارى في قولهم : عيسى ابن اللَّه ، وعلى اليهود في قولهم : عزيز ابن اللَّه ، وعلى قول المشركين : الملائكة بنات الله ، ولأنه لم يدع أحد أنه سبحانه مولود لأحد ، فكانت دعواهم الولد للَّه فرية عظمى . ا ه . .
كما قال تعالى : { كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا } . .
وقوله : { وَقَالُواْ اتَّخَذَ الرَّحْمَانُ وَلَداً * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الاٌّ رْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً * أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَانِ وَلَداً } . .
فلشفاعة هذه الفرية قدم ذكرها ، ثم الرد على عدم إمكانها بقوله : { وَمَا يَنبَغِى لِلرَّحْمَانِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً * إِن كُلُّ مَن فِى السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ إِلاَّ آتِى الرَّحْمَانِ عَبْداً } . .
وقد قدمنا دليل المنع عقلاً ونقلاً .