@ 135 @ .
قلنا : يكفي في ذلك حكم الأغلب ، وهو ما يصدقه الواقع ، إذ آمن بعضهم وعبد معبوده صلى الله عليه وسلم ، وما في قوله : { مَا تَعْبُدُونَ وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ } ، واقعة في الأولى على غير ذي علم ، وهي أصنامهم وهو استعمالها الأساسي . .
وفي الثانية : في حق الله تعالى وهو استعمالها في غير استعمالها الأساسي ، فقيل : من أجل المقابلة ، وقد استعملت فيمن يعلم ، كقوله تعالى : { فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النِّسَآءِ } ، لأنهن في معرض الاستمتاع بهن ، فللقرينة جاز ذلك . .
وقيل : إنها مع ما قبلها مصدرية ، أي ما مصدرية بمعنى عبادتكم الباطلة ، ولا تعبدون عباداتي الصحيحة . .
وهذا المعنى قوي ، وإن تعارض مع ما ذكر من سبب النزول ، إلا أن له شاهداً من نفس السورة ويتضمن المعنى الأول ، ودليله من السورة قوله تعالى في آخر السورة : { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِينِ } ، فأحالهم على عبادتهم ، ولم يحلهم على معبودهم . { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِينِ } . هو نظير ما تقدم في سورة يونس { أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّآ أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِىءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } . .
وكقوله : { وَلَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ } . .
وليس في هذا تقريرهم على دينهم الذي هم عليه ، ولكن من قبيل التهديد والوعيد كقوله : { وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا } . .
وفي هذه السورة قوله : { قُلْ ياأَيُّهَا الْكَافِرُونَ } وصف يكفي بأن عبادتهم وديانتهم كفر . .
وقد قال لهم الحق { لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ } لأنها عبادة باطلة . عبادة الكفار ، وبعد ذلك إن أبيتم إلا هي ، فلكم دينكم ولي دين