@ 105 @ التي مثلوا بها ، بل ستكون أقل من ذلك ، كما قال تعالى : { وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً } ، فظهر بطلان هذا القول الذي استبعدها لعدم إدراك العقل لها . .
أما من يؤول هذا المعنى إلى معنى آخر ، فهو قريب من الأول من حيث المبدأ ، إلا أنه أثبت الأصل وفسره بما يتناسب والعقل . .
وهو محكي عن الإمام محمد عبده وتلميذه السيد رشيد رضا ، إذ فسر الحجارة من سجيل ، بأنه وباء الجدريّ . .
وبالتالي : فالطير الأبابيل : هي البعوض وما أشبهه . .
وقد اعتذر له السيد قطب : بأن الدافع لذلك هو ما كان شائعاً في عصره من موجات متضاربة ، موجة انحراف في التفكير نحو الإسلام واستغلال الإسرائيليات ، كمثال على ما يشبه الأباطيل في تشويه حقائق الإسلام عند غير المسلمين . .
ومن ناحية أخرى طوفان علمي حديث ، من إنتاج العقل البشري فبدلاً من أن تثبت حادثة كهذه صرفت إلى ما يألفه العقل من إيقاع ميكروب الجدري بجيش أبرهة حتى أهلكه ، لكي لا يتصادم في إثبات الحادثة على ما نص عليه القرآن بواقع العقلية العلمانية الحديثة . .
هذا ملخص ما اعتذر به السيد قطب عن هذا القول . .
ولكن من الناحية العلمية والنصوص القرآنية ، فقد تقدم : أن الحجارة التي من سجيل ، جاء النص على أنها ليست خاصة بهؤلاء القوم ، بل ألقيت على قوم لوط ، بعد أن جعل عاليها سافلها ، فما موقع الجدريّ منهم بعد إهلاكهم بإفكها المذكورة ؟ .
ثم جاء أيضاً : أنها من طين ، فأين الطين من الجراثيم الجدرية ؟ .
ومن الناحية العلمية : من أين جيء بمكروب الجدريّ ؟ وأين كان قبل أن تأتي به الطير الأبابيل ؟ .
ومتى كان ميكروب الجدريّ أو غيره يميز بين قرشي وحبشي ؟ .
ومتى كان أي ميكروب يفتك بقوم وبسرعة ، يجعلهم كعصف مأكول ، مع أن : فجعلهم ، تشعر بالسرعة في إِهلاكهم ، والعصف اليابس الذي تعصف به الريح لخفته .