@ 104 @ .
وقيل فيها : كالحمصة والعدسة ، والضمير في عليهم راجع لأصحاب الفيل ، وقصتهم طويلة مشهورة . .
تنبيه .
قد أوردنا نصوص معنى سجيل ، وترجيح الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه : أنها حجارة من طين شديد القوة تنبيهاً على ما قيل من استبعاد ذلك ، ورداً على من صرف معناها إلى غير الحجارة المحسوسة . .
أما من استبعدها ، فقد حكاه الفخر الرازي بقوله : واعلم أن من الناس من أنكر ذلك . .
وقالوا : لو جوزنا أن يكون في الحجارة التي تكون مثل العدسة من الثقل ما يقوى به على أن ينفذ من رأس الإنسان ويخرج من أسفله ، لجوزنا أن يكون الجبل العظيم خالياً عن الثقل ، وأن يكون في وزن التبنة ، وذلك يرفع الأمان عن المشاهدات . .
فإنه متى جاز ذلك فليجز أن يكون بحضرتنا شموس وأقمار ، ولا نراها ، وأن يحصل الإدراك في عين الضرير ، حتى يكون هو بالمشرق ، ويرى قطعة من الأرض بالأندلس ، وكل ذلك محال . .
ثم قال : واعلم أن ذلك جائز في مذهبنا ، إلا أن العادة جارية بأنها لا تقع . .
وهذا القول يحكيه الفخر الرازي المتوفى سنة 606 ستمائة وست ، فنرى استبعادهم إياها مبني على تحكيم العقل ، وهذا باطل لأن خوارق العادات دائماً فوق قانون العقل ، بل إن تصورات العقل نفسه منشؤها من تصوراتنا لما نشاهده . .
وإذا حدث العقل بما لم يشهده أو يعلم كنه وجوده لاستبعده كما هو في واقعنا اليوم ، لو حدثت به العقول سابقاً من نقل الحديث ، والصورة على الأثير ، وتوجيه الطائرات وأمثالها ، لما قوي على تصورها لأنها فوق نطاق محسوساته ومشاهداته . .
وحتى نحن لو لم يسايرها من علم بما يحمله الأثير من تيار كهربائي ، وما له من دور فعال في ذلك لما أمكننا تصوره ، ثم من يمنع شيئاً من ذلك على قدرته تعالى . .
وقد أخبرنا أن تلك الجبال سيأتي يوم تكون فيه كالعهن المنفوش أخف من التبنة ،