@ 53 @ .
الثانية والثالثة قوله : { جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ } ، فأجمل ما في الجنات ، ونص على أنها تجري من تحتها الأنهار ، مع إجمال تلك الأنهار ، وقد فصلت آية { عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ } ما أعد لهم في الجنة من حدائق وأعناب وكواعب وشراب وطمأنينة ، وعدم سماع اللغو إلى آخره . كما جاء تفصيل الأنهار في سورة القتال ، في قوله تعالى : { مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِى وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ } ، والخلود في هذا النعيم هو تمام النعيم . { رِّضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ } . يعتبر هذا الإخبار من حيث رضوان الله تعالى على العباد في الجنة ، من باب العام بعد الخاص . .
وقد تقدم في سورة الليل في قوله تعالى : { وَسَيُجَنَّبُهَا الاٌّ تْقَى * الَّذِى يُؤْتِى مَالَهُ يَتَزَكَّى } إلى قوله { وَلَسَوْفَ يَرْضَى } ، واتفقوا على أنها في الصديق رضي الله عنه كما تقدم ، وجاء في التي بعدها سورة والضحى قوله تعالى : { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى } ، أي للرسول صلى الله عليه وسلم . .
وهنا في عموم { إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَائِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ } ، فهي عامة في جميع المؤمنين الذين هذه صفاتهم ، ثم قال رضي الله عنهم ، وقد جاء ما يبين سبب رضوان الله تعالى عليهم وهو بسبب أعمالهم ، كما في قوله تعالى : { لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ } فكانت المبايعة سبباً للرضوان . .
وفي هذة الآية الإخبار بأن الله رضي عنهم ورضوا عنه ، ولم يبين زمن هذا الرضوان أهو سابق في الدنيا أم حاصل في الجنة ، وقد جاءت آية تبين أنه سابق في الدنيا ، وهي قوله تعالى : { وَالسَّابِقُونَ الاٌّ وَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذالِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } ، فقوله تعالى : { رَّضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ } ، ثم يأتي بعدها { وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ } .