@ 54 @ .
فهو في قوة الوعد في المستقبل ، فيكون الإخبار بالرضى مسبقًا عليه . .
وكذلك آية سورة الفتح في البيعة تحت الشجرة إذ فيها { لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ } ، وهو إخبار بصيغة الماضي ، وقد سميت ( بيعة الرضوان ) . .
تنبيه .
في هذا الأسلوب الكريم سؤال ، وهو أن العبد حقًا في حاجة إلى أن يعلم رضوان الله تعالى عليه ، لأنه غاية أمانيه ، كما قال تعالى : { ذالِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } . .
أما الإخبار عن رضي العبد عن اللَّه ، فهل من حق العبد أن يسأل عما إذا كان هو راضياً عن الله أم لا ؟ إنه ليس من حقه ذلك قطعاً ، فيكون الإخبار عن ذلك بلازم الفائدة ، وهي أنهم في غاية من السعادة والرضى فيما هم فيه من النعيم إلى الحد الذي رضوا تجاوز رضاهم حد النعيم إلى الرضى عن المنعم . .
كما يشير إلى شيء من ذلك آخر آية النبأ { عَطَآءً حِسَاباً } ، قالوا : إنهم يعطون حتى يقولوا : حسبنا حسبنا ، أي كافينا . { ذَلِكَ لِمَنْ خَشِىَ رَبَّهُ } . اسم الإشارة منصب على مجموع الجزاء المتقدم ، وقد تقدم أنه للذين آمنوا وعملوا الصالحات ، وهنا يقول : إنه لمن خشي ربه ، مما يفيد أن تلك الأعمال تصدر منهم عن رغبة ورهبة . .
رغبة فيما عند الله ، ورهبة من اللَّه ، ومثله قوله تعالى : { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ } ، وقوله : { وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِىَ الْمَأْوَى } . .
والواقع أن صفة الخوف من الله تعالى ، هي أجمع صفات الخير في الإنسان ، لأنها صفة للملائكة المقربين . .
كما قال تعالى عنهم : { يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } .