@ 49 @ِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ } ، وباللَّه تعالى التوفيق . { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَوْلَائِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ } . قرئت البرية بالهمزة وبالياء ، فقرأ بالهمز : نافع وابن ذكوان . والباقون بالياء ، فاختلف في أخذها . .
قال القرطبي : قال الفراء : إن أخذت البرية من البراءة بفتح الباء والراء : أي التراب . فأصله غير مهموز بقوله منه : براه الله يبروه برواً ، أي خلقه ، وقيل : البرية من بريت القلم أي قدرته . .
وقد تضمنت هذه الآية مسألتين : الأولى منهما : أن أولئك في نار جهنم خالدين فيها ، ومبحث خلود الكفار في النار ، تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه وافياً . .
والمسألة الثانية أنهم شر البرية ، والبرية أصلها البريئة ، قلبت الهمزة ياء تسهيلاً ، وأدغمت الياء في الباء ، والبريئة الخليقة واللَّه تعالى بارىء النسم ، هو الخالق البارىء المصور سبحانه . .
ومن البرية الدواب والطيور ، وهنا النص على عمومه ، فأفهم أن أولئك شر من الحيوانات والدواب . .
وقد جاء النص صريحاً في هذا المعنى في قوله تعالى : { إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ } ، وقد بين أن المراد بهم الكفار في قوله : { أَوْلَائِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ } ، وقال عنهم : { أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِى الْعُمْىَ وَمَن كَانَ فِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ } ، فهم لصممهم وعماهم في ضلال مبين . .
وقد ثبت أن الدواب ليست في ضلال مبين ، لأنها تعلم وتؤمن بوحدانية اللَّه ، كما جاء في هدهد سليمان ، أنكر على بلقيس وقومها سجودهم للشمس والقمر من دون اللَّه . .
ونص مالك في الموطأ في فضل يوم الجمعة ( أنه وما من دابة إلا تصيخ بأذنها من