@ 48 @ مع استقامته ، فهو مع الاستقامة لم يخل من العوج . .
ولكن ما ينتفي عنه العوج وتثبت له الاستقامة ، هو الطريق الذي يمتد في اتجاه واحد بدون أي اعوجاج إلى أي الجانبين ، مع استقامته في سطحه . .
وهكذا هو القرآن ، فهو الصراط المستقيم ، ولذا قال تعالى : { وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ } الملة القيمة ، قيمة في ذاتها ، وقيمة على غيرها : ومهيمنة عليه ، وكقوله : { ذالِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ } ، وقوله : { قُلْ إِنَّنِى هَدَانِى رَبِّى إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُلْ إِنَّ صَلاَتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذالِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ } . .
تنبيه .
إن في هذه الآية رداً صريحاً على أولئك الذين ينادون بدون علم إلى دعوة لا تخلو من تشكيك ، حيث لم تسلم من لبس ، وهي دعوة وحدة الأديان ، ومحل اللبس فيها أن هذا القول منه حق ، ومنه باطل . .
أما الحق فهو وحدة الأصول ، كما قال تعالى : { وَمَآ أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ الصَّلَواةَ وَيُؤْتُواْ الزَّكَواةَ } ، وأما الباطل فهو الإبهام ، بأن هذا ينجر على الفروع مع الجزم عند الجميع ، بأن فروع كل دين قد لا تتفق كلها مع فروع الدين الآخر ، فلم تتحد الصلاة في جميع الأديان ولا الصيام ، ونحو ذلك . .
وقد أجمع المسلمون على أن العبرة بما في القرآن من تفصيل للفروع والسنة ، تكمل تفصيل ما أجمل . .
وهنا النص الصريح بأن ذلك الذي جاء به القرآن هو دين القيمة ، وأن القرآن يهدي للتي هي أقوم ، وهي أفعل تفضيل ، فلا يمكن أن يعادل ويساوي مع غيره أبداً مع نصوص القرآن ، بأن الله أخذ العهد على جميع الأنبياء لئن أدركوا محمداً صلى الله عليه وسلم ليؤمنن به ، ولينصرنه وليتبعنه ، وأخذ عليهم العهد بذلك . وقد أخبر الرسل أممهم بذلك . فلم يبق مجال في هذا الوقت ولا غيره لدعوة الجاهلية بعنوان مجوف وحدة الأديان ، بل الدين الإسلامي وحده { إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلَامُ } ، { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَام