@ 47 @ فما في كتبهم قوله تعالى : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِى كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ } . .
وقوله : { شَرَعَ لَكُم مِّنَ الِدِينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِى أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُواْ الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ } . .
فإقامة الدين وعدم التفرقة فيه ، هو عين عبادة الله مخلصين له الدين . .
ومما في القرآن قوله تعالى : { يَابَنِى إِسْرَاءِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِى أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِى أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّاىَ فَارْهَبُونِ * وَءَامِنُواْ بِمَآ أَنزَلْتُ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَإِيَّاىَ فَاتَّقُونِ * وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ * وَأَقِيمُواْ الصَّلواةَ وَآتُواْ الزَّكَواةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ } . .
فقد نص على كامل المسألة هنا ، أن الكتب القيمة المنصوص عليها في الصحف المطهرة هي كتب أهل الكتاب ، لقوله تعالى : { وَءَامِنُواْ بِمَآ أَنزَلْتُ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُمْ } ، وأنهم أمروا في هذا القرآن بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة مع التعليمات المذكورة نفسها ، وإقام الصلاة لا يكون إلا عبادة الله بإخلاص . .
وهذه الأوامر سواء كانت في كتبهم أو في القرآن لا تقتضي التفرق ، بل تستوجب الاجتماع والوحدة . { وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ } . القيمة : فيعلة من القوامة ، وهي غاية الاستقامة . .
وقد جاء بعد قوله : { فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ } ، أي مستقيمة بتعاليمها . .
وقد نص تعالى على أن القرآن أقومها وأعدلها كما في قوله : { إِنَّ هَاذَا الْقُرْءَانَ يِهْدِى لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ } ، وقال تعالى : { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا قَيِّماً } ، فنفى عنه العوج ، وأثبت له الاستقامة . .
وهذا غاية في القوامة كما قدمنا من قبل ، من أن المستقيم قد يكون فيه انحناء كالطريق المعبد المستقيم عن المرتفعات والمنخفضات ، لكنه ينحرف تارة يميناً وشمالاً