@ 46 @ .
وبكى رضي الله عنه ، لأن فيها زيادة طمأنينة له على إيمانه بأنه آمن بكتاب تضمن الكتب القيمة المتقدمة ، والتي يعرفها عبد اللَّه بن سلام أن الرجم في التوراة لما غطاها الآتي بها ، كما هو معروف في القصة . والعلم عند الله تعالى . { وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ } . يلاحظ أن السورة في أولها عن الكفار عموماً من أهل الكتاب والمشركين معاً ، وهنا الحديث عن أهل الكتاب فقط ، وذلك مما يخصهم في هذا المقام دون المشركين ، وهو أنهم لأنهم أهل كتاب ، وعندهم علم به صلى الله عليه وسلم ، وبما سيأتي به ، وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا ، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به . .
وكقوله صراحة : { وَمَا تَفَرَّقُواْ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ } ، فلمعرفتهم به قبل مجيئه ، واختلافهم فيه بعد مجيئه ، وخصهم هنا بالذكر في قوله : { وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ } . .
تنبيه .
مما يدل على ما ذكرنا من معنى كتب قيمة ، أمران من كتاب اللَّه . .
الأول منهما : اختصاص أهل الكتاب هنا بعدم عموم الحديث من الذين كفروا ، وما قدمنا من نصوص . .
الثاني : أن القرآن لما ذكر الرسول يتلو على المشركين قال : { هُوَ الَّذِى بَعَثَ فِى الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ ءَايَاتِهِ } ، فهذا نفس الأسلوب ، ولكن قال : آياته ، لأنهم لم يكن لهم علم بالكتب الأخرى ، فاقتصر على الآيات . { وَمَآ أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَآءَ } . وهذا لا يستوجب التفرق في أمره صلى الله عليه وسلم . .
ولكن هنا لم يبين موضع الأمر عليهم بعبادة الله مخلصين له الدين ، هل هو في كتبهم السابقة ، أم في هذا القرآن الذي يتلى عليهم في صحف مطهرة ؟ .
وقد بين القرآن العظيم أن هذا الأمر موجود في كل من كتبهم والقرآن الكريم ،