@ 42 @ مرتدعين عن الكفر والضلال ، حتى تأتيهم البينة ، أي أتتهم . .
ولكن في منفكين ، وجه يرفع هذا الإشكال ، وهو أن تكون منفكين بمعنى متروكين لا بمعنى تاركين ، أي لم يكونوا جميعاً متروكين على ما هم عليه من الكفر والشرك حتى تأتيهم البينة على معنى قوله تعالى : { أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى } ، وقوله : { الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُواْ أَن يَقُولُواْ ءَامَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ } ، أي لن يتركوا وقريب منه قوله تعالى : { قَالُواْ ياهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِىءالِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ } . .
وقد حكى أبو حيان قولاً عن ابن عطية قوله ، ويتجه في معنى الآية قول ثالث بارع المعنى ، وذلك أن يكون المراد : لم يكن هؤلاء القوم منفكين من أمر الله تعالى وقدرته ونظره لهم ، حتى يبعث الله تعالى إليهم رسولاً منذراً ، تقوم عليهم به الحجة ، ويتم على من آمن النعمة ، فكأنه قال : ما كانوا ليتركوا سدى ، ولهذا نظائر في كتاب الله تعالى ا ه . .
فقول ابن عطية يتفق مع ما ذكرناه ، ويزيل الإشكال الكبير عن المفسرين ، كما أسلفنا . .
ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قول في ذلك نسوقه لشموله ، وهو ضمن كلامه على هذه السورة في المجموع مجلد 61 ص 594 قال : .
وفي معنى قوله تعالى : لم يكن هؤلاء وهؤلاء منفكين . ثلاثة أقوال ذكرها غير واحد من المفسرين . .
هل المراد : لم يكونوا منفكين عن الكفر ؟ .
أو هل لم يكونوا مكذبين بمحمد حتى بعث ، فلم يكونوا منفكين من محمد والتصديق بنبوته حتى بعث . .
أو المراد : أنهم لم يكونوا متروكين حتى يرسل إليهم رسول . .
وناقش تلك الأقوال وردها كلها ثم قال : فقوله : { لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ } ، أي لم يكونوا متروكين باختيار أنفسهم يفعلون ما يهوونه