@ 41 @ .
ومعلوم أن صيغة الفعل تدل على التجدد والحدوث ، وصيغة الاسم تدل على الدوام والثبوت ، فمشركو مكة وغيرهم دائمون على الإشراك وعبادة الأصنام ، وأهل الكتاب يقع منهم حيناً وحيناً . .
وقد أخذ بعض العلماء : أن الكفر ملة واحدة ، فورث الجميع من بعض ، ومنع الآخرون على أساس المغايرة والعلم عند الله تعالى . .
تنبيه .
بقي المجوس وجاءت السنة أنهم يعاملون معاملة أهل الكتاب لحديث : ( سنوا بهم سنة أهل الكتاب ) . .
وقوله تعالى : { مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ } ، اختلف في منفكين اختلافًا كثيرًا عند جميع المفسرين ، حتى قال الفخر الرازي عند أول هذه السورة ما نصه : قال الواحدي في كتاب البسيط : هذه الآية من أصعب ما في القرآن العظيم نظماً وتفسيراً ، وقد تخبط فيها الكبار من العلماء . .
ثم إنه رحمه الله لم يلخص كيفية الإشكال فيها . .
وأنا أقول وجه الإشكال : أن تقدير الآية : { لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ } ، التي هي الرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم إنه لم يذكر أنهم منفكون عماذا لكنه معلوم ، إذ المراد هو الكفر الذي كانوا عليه . .
فصار التقدير : لم يكن الذين كفروا منفكين عن كفرهم حتى تأتيهم البينة ، التي هي الرسول ، ثم قال بعد ذلك { وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ } ، وهذا يقتضي أن كفرهم قد ازداد عند مجيء الرسول عليه السلام ، فحينئذٍ يحصل بين الآية الأولى والآية الثانية تناقض في الظاهر ، هذا منتهى الإشكال فيما أظن . ا ه . حرفياً . .
وقد سقت كلامه لبيان مدى الإشكال في الآيتين ، وهو مبني على أن منفكين بمعنى تاركين : وعليه جميع المفسرين . .
والذي جاء عن الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في إملائه : أن منفكين أي