@ 558 @ من صغره إلى شبابه وكبره ، ثم اصطفائه بالرسالة ، ثم حفظه من الناس ، ثم نصره على الأعداء ، وإظهار دينه وإعلاء كلمته . .
ومن الناحية المعنوية ما جاء في السورة بعدها : { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ * الَّذِى أَنقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } . .
أما خيرية الآخرة على الأولى ، فعلى حد قوله : { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى } ، وليس بعد الرضى مطلب ، وفي الجملة : فإن الأولى دار عمل وتكليف وجهاد ، والآخرة دار جزاء وثواب وإكرام ، فهي لا شك أفضل من الأولى . { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى } . جاء مؤكداً باللام وسوف ، وقال بعض العلماء : يعطيه في الدنيا من إتمام الدين وإعلاء كلمة اللَّه ، والنصر على الأعداء . .
والجمهور : أنه في الآخرة ، وهذا وإن كان على سبيل الإجمال ، إلا أنه فصل في بعض المواضع ، فأعظمها ما أشار إليه قوله تعالى : { عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُودًا } . .
وجاء في السنة بيان المقام المحمود وهو الذي يغبطه عليه الأولون والآخرون ، كما في حديث الشفاعة العظمى حين يتخلى كل نبي ، ويقول : ( نفسي نفسي ، حتى يصلوا إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم فيقول : أنا لها أنا لها ) إلخ . .
ومنها : الحوض المورود ، وما خصت به أمته غراً محجلين ، يردون عليه الحوض . .
ومنها : الوسيلة ، وهي منزلة رفيعة عالية لا تنبغي إلا لعبد واحد ، كما في الحديث : ( إذ سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ، ثم صلوا عليَّ وسلوا الله لي الوسيلة ، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلاَّ لعبد واحد ، وأرجو أن أكون أنا هو ) . .
وإذا كانت لعبد واحد فمن يستقدم عليها ، وإذا رجا ربه أن تكون له طلب من الأمة طلبها له ، فهو مما يؤكد أنها له ، وإلاَّ لما طلبها ولا ترجاها ، ولا أمر بطلبها له . وهو بلا شك أحق بها من جميع الخلق ، إذ الخلق أفضلهم الرسل ، وهو صلى الله عليه وسلم مقدم عليهم في الدنيا ، كما في الإسراء تقدم عليهم في الصلاة في بيت المقدس .