@ 557 @ أذكر الرصيد فأكون أمامك ، وأذكر الطلب فأكون وراءك ، فقال : أتريد لو كان سوء يكون بك يا أبا بكر ؟ قال : بلى ، فداك أبي وأمي يا رسول الله ، ثم قال : إن أهلك أهلك وحدي ، وإن تهلك تهلك معك الدعوة ) : فذاك عمه في جاهلية وليس على دينه صلى الله عليه وسلم ، وهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه . { وَلَلاٌّ خِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الاٍّ ولَى } . خير تأتي مصدراً كقوله : إن ترك خيراً أي مالاً كثيراً ، وتأتي أفعل تفضيل محذوفة الهمزة ، وهي هنا أفعل تفضيل بدليل ذكر المقابل ، وذكر حرف من ، مما يدل على أنه سبحانه أعطاه في الدنيا خيرات كثيرة ، ولكن ما يكون له في الآخرة فهو خير وأفضل مما أعطاه في الدنيا ، ويوهم أن الآخرة خير له صلى الله عليه وسلم وسلم وحده من الأولى ، ولكن جاء النص على أنها خير للأبرار جميعاً ، وهو قوله تعالى : { وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ } . .
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان الخيرية للأبرار عند اللَّه ، أي يوم القيامة بما أعد لهم ، كما في قوله : { إِنَّ الاٌّ بْرَارَ لَفِى نَعِيمٍ } ، وقوله : { إِنَّ الاٌّ بْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً } . .
أما بيان الخيرية هنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبيان الخير في الدنيا أولاً ، ثم بيان الأفضل منه في الآخرة . .
أما في الدنيا المدلول عليه بأفعل التفضيل ، أي لدلالته على اشتراك الأمرين في الوصف ، وزيادة أحدهما على الآخر ، فقد أشار إليه في هذه السورة والتي بعدها ، ففي هذه السورة قوله تعالى : { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى } ، أي منذ ولادته ونشأته ، ولقد تعهده الله سبحانه من صغره فصانه عن دنس الشرك ، وطهَّره وشق صدره ونقاه ، وكان رغم يتمه سيد شباب قريش ، حيث قال عمه عند خطبته خديجة لزواجه بها فقال : ( فتى لا يعادله فتى من قريش ، حلماً وعقلاً وخلقاً ، إلا رجح عليه ) . .
وقوله : { وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فَأَغْنَى } . .
على ما سيأتي بيانه كله ، فهي نعم يعددها تعالى عليه ، وهي من أعظم خيرات الدنيا