@ 542 @ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } . .
واختلف في مرجع الضمير في زكاها ودساها ، وهو يرجع إلى اختلافهم في { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } ، فهل يعود إلى الله تعالى ، كما في { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا } ، أم يعود على العبد . .
ويمكن أن يستدل لكل قول ببعض النصوص . فمما يستدل به للقول الأول قوله تعالى : { بَلِ اللَّهُ يُزَكِّى مَن يَشَآءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً } ، وقوله : { وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً } ، وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول عند هذه الآية : ( اللَّهم أئت نفسي تقواها وزكها ، أنت خير من زكاها ، وأنت وليها ومولاها ) . .
ومما استدل به للقول الثاني فقوله : { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } ، وقوله : { وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ } ، وقوله : { فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى * وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى } ، وقوله : { وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى } ، وكلها كما ترى محتملة ، والإشكال فيها كالإشكال فيما قبلها . .
والذي يظهر واللَّه تعالى أعلم : أن الجمع بين تلك النصوص كالجمع في التي قبلها ، وأن ما يتزكى به العبد من إيمان وعمل في طاعة وترك لمعصية ، فإنه بفضل من اللَّه ، كما في قوله تعالى المصرح بذلك { وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً } . .
وكل النصوص التي فيها عود الضمير أو إسناد التزكية إلى العبد ، فإنها بفضل من الله ورحمة ، كما تفضل عليه بالهدى والتوفيق للإيمان ، فهو الذي يتفضل عليه بالتوفيق إلى العمل الصالح . وترك المعاصي ، كما في قولك ( لا حول ولا قوة إلا باللَّه ) وقوله : { فَلاَ تُزَكُّواْ أَنفُسَكُمْ } ، وقوله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ } ، إنما هو بمعنى المدح والثناء ، كما في قوله تعالى : { قَالَتِ الاٌّ عْرَابُ ءَامَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَاكِن قُولُواْ أَسْلَمْنَا } ، بل إن في قوله تعالى : { بَلِ اللَّهُ يُزَكِّى مَن يَشَآءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً } ، الجمع بين الأمرين ، القدري والشرعي ، { بَلِ اللَّهُ