@ 538 @ .
وقد أقسم تعالى بالنهار إذا تجلى : أي ظهر ووضح بدون ضمير إلى غيره في قوله تعالى : { وَالَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى } ، أي في مقابلة غشاوة الليل يكون بتجلي النهار . .
وقد بين تعالى عظم آية النهار وعظم آية الليل ، وأنه لا يقدر على الإتيان بهما إلا اللَّه ، كما في قوله : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَاهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَآءٍ أَفَلاَ تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَاهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفلاَ تُبْصِرُونَ } . .
وقوله : { وَالَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا } ، قالوا : يغشى الشمس فيحجب ضياؤها ، والكلام على الليل ، كالكلام على النهار ، من حيث الآية . والدلالة على قدرته تعالى . .
وتقدمت النصوص الكافية وسيأتي الإقسام بالليل في قوله : { وَالَّيْلِ إِذَا يَغْشَى } ، أي يغشى الكون كله ، كما في قوله : { وَالَّيْلِ وَمَا وَسَقَ } ، أي جمع واشتمل بظلامه . .
والضمير في يغشاها : راجع إلى الشمس ، وعليه ، قيل : إن الإقسام في هذه الأربعة راجع كله إلى الشمس في حالات مختلفة ، في ضحاها ثم تجليها ، ثم تلو القمر لها ، ثم يغشيان الليل إياها ، وهنا سؤال : كيف يغشى الليل الشمس ، مع أن الليل وهو الظلمة نتيجة لغروب الشمس عن الجهة التي فيها الليل ؟ .
فقيل : إن الليل يغطي ضوء الشمس ، فتتكون الظلمة ، والواقع خلاف ذلك . وهو أن الشمس ظاهرة وضوؤها منتشر ، ولكن في قسم الأرض المقابل للظلمة الموجودة ، كما أن الظلمة تكون في القسم المقابل للنهار ، وهكذا . .
ولذا قال ابن كثير : إن الضمير في يغشاها وجلاها راجع إلى الأرض ، إلا أن فيه مغايرة في مرجع الضمير ، واللَّه تعالى أعلم . .
وقوله : { وَالسَّمَآءِ وَمَا بَنَاهَا } ، قيل : ما ، بمعنى الذي ، وجيء بها بدلاً عن من ، التي لأولى العلم ، لإشعارها معنى الوصفية ، أي والسماء والقادر الذي بناها ، وكذلك ما بعدها في الأرض ، وما طحاها ونفس ، والحكيم العليم