@ 537 @ .
فالضحى وحده آية وهو حرها كقوله : { وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَؤُا فِيهَا وَلاَ تَضْحَى } ، أي بحرّ الشمس ، وقد أقسم تعالى بالضحى وحده في قوله تعالى : { وَالضُّحَى * وَالَّيْلِ إِذَا سَجَى } . .
وقوله : { وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا } ، فهو كذلك القمر وحده آية ، وكذلك تلوه للشمس ونظام مسيره بهذه الدقة ، وهذا النظام فلا يسبقها ولا تفوته : { لاَ الشَّمْسُ يَنبَغِى لَهَآ أَن تدْرِكَ القَمَرَ وَلاَ الَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } . .
وفي قوله تعالى : { إِذَا تَلاهَا } ، أي تلا الشمس ، دلالة على سير الجميع ، وأنها سابقته وهو تاليها . .
فقيل : تاليها عند أول الشهر تغرب ، ويظهر من مكان غروبها . .
وقد قال بعض أهل الهيأة : تاليها في منزلة الحجم ، أي كبرى وهو كبير بعدها في الحجم ، وفيه نظر . .
ولا يخفى ما في القمر من فوائد للخليفة ، من تخفيف ظلمة الليل ، وكذلك بعض الخصائص على الزرع ، وأهم خصائصه بيان الشهور بتقسيم السنة ومعرفة العبادات من صوم ، وحج ، وزكاة ، وعدد النساء ، وكفارات بصوم ، وحلول الديون ، وشروط المعاملات ، وكل ما له صلة بالحساب في عبادة أو معاملة . .
وقد جاء القسم بالقمر في المدثر في قوله : { كَلاَّ وَالْقَمَرِ * وَالَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ } ، وقوله : { وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ } ، مما يدل على عظم آيته ودقة دلالته . .
وقوله : { وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا } ، والنهار هو أثر من آثار ضوء الشمس . .
وجلاها . قيل : الضمير فيه راجع للشمس كما في الذي قبله ، ولكن اختار ابن كثير أن يكون راجعاً للأرض ، أي كشفها وأوضح كل ما فيها ليتيسر طلب المعاش والسعي ، كقوله : { هُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً } ، وقوله : { وَهُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً } .