@ 511 @ .
ولا يبعد أن يقال على هذا الوجه : إن من كان ممن لا ينطق بالشهادتين ويعمل على جهالة فيما لا يعذر بجهله أن يخشى عليه من هذه الآية ، كما يخشى على من يعمل على علم ، ولكن في بدعة وضلالة . .
ومما يشهد للأول حديث المسيء صلاته . ولأثر حذيفة ( رأى رجلاً يصلي فطفق فقال له : منذ كم تصلي هذه الصلاة ؟ قال منذ أربعين سنة . قال له : ما صليت منذ أربعين سنة ولو مت على ذلك ، مت على غير فطرة محمد صلى الله عليه وسلم ) . .
والأحاديث الواردة في ذلك على سبيل العمومات مثل قوله صلى الله عليه وسلم : ( من عمل عملاً ليس عليه أمري فهو رد ) أي مردود . .
وحديث الحوض ( فيذاد أقوام عن حوضي ، فأقول : أمتي أمتي ، فيقال : إنك لا تدري ماذا أحدثوا بعدك إنهم غيَّروا وبدَّلوا ) . .
ونحو ذلك مما يوجب الانتباه إلى صحة العمل وموافقته لما جاء به النَّبي صلى الله عليه وسلم . .
وكذلك القسم الثاني كما في قوله : { قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالاٌّ خْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ } . .
أما الراجح من القولين في زمن { عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ } أهو في الدنيا أم في الآخرة ؟ فإنه القول بيوم القيامة ، وهو مروي عن ابن عباس وجماعة ، والأدلة على ذلك من نفس السياق . .
ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلام جيد جداً في هذا الترجيح ، ولم أقف على قول لغيره أقوى منه ، نسوق مجمله للفائدة : .
قال في المجموع في تفسير هذه السورة بعد حكاية القولين : الحق هو الثاني لوجوه ، وساق سبعة وجوه : .
الأول : أنه على القول الثاني يتعلق الظرف بما يليه ، أي وجوه يوم الغاشية ، خاشعة عاملة ناصبة صالية . .
أما على القول الأول فلا يتعلق إلاَّ بقوله : تصلى . ويكون قوله : خاشعة صفة للوجوه ، قد فصل بينها وبين الموصوف بأجنبي متعلق بصفة أخرى . والتقدير : وجوه