@ 510 @ . وجوه يومئذٍ خاشعة ، بمعنى ذليلة . .
قال أبو السعود : هذا وما بعده وقع جواباً عن سؤال ، نشأ من الاستفهام التشويقي المتقدم ، كأنه قيل من جانبه صلى الله عليه وسلم ( ما أتاني حديثها ، فأخبره الله تعالى . فقال : وجوه ) إلخ . .
قال : ولا بأس بتنكيرها لأنها في موقع التنويع ، أي سوغ الابتداء بالنكرة كونها في موقع التنويع : وجوه كذا ، ووجوه كذا . .
وخاشعة : خبر المبتدأ ، أي وما بعده من صفاتهم . .
وقوله : { عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ } العمل معروف ، والنصب : التعب ، وقد اختلف في زمن العمل والنصب هذين ، هل هو كان منها في الدنيا أم هو واقع منهم فعلاً في الآخرة ، وما هو على كلا التقديرين : فالذين قالوا : هو كان منهم في الدنيا ، منهم من قال : عمل ونصب في العبادات الفاسدة كعمل الرهبان والقسيسين والمبتدعة الضالين ، فلم ينفعهم يوم القيامة ، أي كما في قوله : { وَقَدِمْنَآ إِلَى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً } . .
ومنهم من قال : عمل ونصب والتذ ، فيما لا يرضى اللَّه ، فعامله الله بنقيض قصده في الآخرة ، ولكن هذا الوجه ضعفه ظاهر ، لأن من هذه حالهم لا يعدون في عمل ونصب بل في متعة ولذة . .
والذين قالوا : سيقع منهم بالفعل يوم القيامة ، اتفقوا على أنه عمل ونصب في النار من جر السلاسل ، عياذاً بالله . وصعودهم وهبوطهم الوهاد والوديان ، أي كما في قوله : { سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً } ، وقوله : { وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً } . .
وقد ذكر الفخر الرازي تقسيماً ثلاثياً ، فقال : إما أن يكون ذلك كله في الدنيا أو كله في الآخرة ، أو بعضه في الدنيا وبعضه في الآخرة ، ولم يرجح قسماً منها إلا أن وجه القول بأنها في الدنيا وهي في القسيسين ، ونحوهم . فقال : لما نصبوا في عبادة إله وصفوه بما ليس متصفاً به ، وإنما تخيلوه تخيلاً أي بقولهم { ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ } وقولهم : { عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ } ، فكانت عبادتهم لتلك الذات المتخيلة لا لحقيقة الإله سبحانه .