@ 509 @ .
ومن استدلالهم على أنها النار ، قوله تعالى : { وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ } . .
وقيل الغاشية : أهل النار يغشونها أي يدخلونها ، فالغاشية كالدافة في حديث الأضاحي . .
وقال الطبرني : والراجح عندي أن الله تعالى أطلق ليعم ، فيجب أن تطلق ليعم أيضاً . .
والذي يظهر رجحانه واللَّه تعالى أعلم : أنها في عموم القيامة وليس في خصوص النار ، فالنار من أهوال ودواهي القيامة ، وهو ما يشهد له القرآن في هذا السياق من عدة وجوه ، ومنها : أنه جاء بعدها قوله : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ } ، ويوم أنسب للقيامة منه للنار . .
ومنها : التصريح بعد ذلك ، بأن من كانت تلك صفاتهم تصلى ناراً حامية ، مما يدل على أن الغاشية شيء آخر سوى النار الحامية . .
ومنها : أن التعميم ليوم القيامة يشمل جميع الخلائق ، وهو الأنسب بالموقف ، ثم ينجي الله الذين اتقوا . .
وقد بين تعالى قسيم هذا الصنف ، مما يدل على أن الحديث المراد إلغاؤه ، إنما هو عن حالة عموم الموقف . { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ * تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً } . اتفقوا على أن يومئذٍ ، يعني يوم القيامة . .
وقال أبو حيان : والتنوين فيه تنوين عوض . وهو تنوين عوض عن جملة ، ولم تتقدم جملة تصلح أن يكون التنوين عوضاً عنها ، ولكن لما تقدم لفظ الغاشية . .
وأل موصولة باسم الفاعل ، فتنحل للتي غشيت أي للداهية التي غشيت ، فالتنوين عوض من هذه الجملة التي انحل لفظ الغاشية إليها ، وإلى الموصول الذي هو التي ، وهذا مما يرجح ويؤيد ما قدمناه ، من أن الغاشية هي القيامة