@ 470 @ قوله تعالى : { يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ } في سورة الإسراء إلى قوله تعالى { فَمَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ } ، وبين أحوال الفريقين أهل اليمين وأهل الشمال ، وأحال على أول السورة . .
وقوله : { وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ } ، في سورة الكهف وهنا ذكر سبحانه وتعالى حالة من حالات كلا الفريقين . .
فالأولى : يحاسب حساباً يسيراً وهو العرض فقط دون مناقشة ، كما في حديث عائشة رضي الله عنها ( من نوقش الحساب عذَّب ) . .
والثانية : يدعو على نفسه بالثبور وهو الهلاك ، ومنه : المواطأة على الشيء سميت مثابرة ، لأنه كأنه يريد أن يهلك نفسه في طلبه . .
وهنا مقابلة عجيبة بالغة الأهمية ، وذلك بين سرورين أحدهما آجل والآخر عاجل . .
فالأول في حق من أوتي كتابه بيمينه ، أنه ينقلب إلى أهله مسروراً ينادي فرحاً { هَآؤُمُ اقْرَؤُاْ كِتَابيَهْ } ، وأهله آنذاك في الجنة من الحور والولدان ، ومن أقاربه الذين دخلوا الجنة ، كما في قوله تعالى : { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ ءَابَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ } . .
وقوله : { وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ } ، فهم وإن كانوا ملحقين بهم إلا أنهم من أهلهم ، وهذا من تمام النعمة أن يعلم بها من يعرفه من أهله ، وهذا مما يزيد سرور العبد ، وهو السرور الدائم . .
والآخر سرور عاجل ، وهو لمن أعطوا كتبهم بشمالهم ، لأنهم كانوا في أملهم مسرورين في الدنيا ، وشتان بين سرور وسرور . .
وقد بين هنا نتيجة سرور أولئك في الدنيا ، بأنهم يصلون سعيراً ، ولم يبين سبب سرور الآخرين ، ولكن بينه في موضع آخر وهو خوفهم من الله في قوله تعالى : { قَالُواْ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِى أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ } . .
وهنا يقال : إن الله سبحانه لم يجمع على عبده خوفان ، ولم يعطه الأمنان معاً ،