@ 469 @ خلال كدحه ، فإن العاقل المتبصر لا يجعل كدحه إلاّ فيما يرضي الله ويرضى هو به ، وإذا لقي ربه ما دام أنه كادح ، لا محالة كما هو مشاهد . .
تنبيه آخر .
{ ياأَيُّهَا الإِنسَانُ } عام في الشمول لكل إنسان مهما كان حاله من مؤمن وكافر ، ومن بر وفاجر ، والكل يكدح ويعمل جاهد التحصيل ما هو مقبل عليه ، كما في الحديث : ( اعملوا كل ميسر لما خلق له ) أي ومجد فيه وراض به ، وهذا منتهى حكمة العليم الخبير . .
ومما هو جدير بالتنبيه عليه ، هو أنه إذا كانت السماء مع عظم جرمها ، والأرض مع مساحة أصلها أذنت لربها وحقت ، مع أنها لم تتحمل أمانة ، ولن تسأل عن واجب فكيف بالإنسان على ضعفه ، { أَءَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَآءُ } ، وقد تحمل أمانة التكليف فأشفقن منها وحملها الإنسان ، فكان أحق بالسمع والطاعة في كدحه ، إلى أن يلقى ربه لما يرضيه . { فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً * وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً * وَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ وَرَآءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً * وَيَصْلَى سَعِيراً * إِنَّهُ كَانَ فِى أَهْلِهِ مَسْرُوراً * إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ } . في هذا التفصيل بيان لمصير الإنسان نتيجة كدحه ، وما سجل عليه في كتاب أعماله ، وذلك بعد أن تقدم في الانفطار قوله : { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ * إِنَّ الاٌّ بْرَارَ لَفِى نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِى جَحِيمٍ } . .
وجاء في المطففين { كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِى سِجِّينٍ } ثم بعده { كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الاٌّ بْرَارِ لَفِى عِلِّيِّينَ } . .
جاء هنا بيان إتيانهم هذه الكتب مما يشير إلى ارتباط هذه السور بعضها ببعض ، في بيان مآل العالم كله ومصير الإنسان نتيجة عمله . .
وتقدم للشيخ مباحث إتيان الكتب باليمين وبالشمال ومن وراء الظهر ، عند كل من