@ 458 @ .
وهكذا من باع ثوباً عشر أمتار وهو ينقص ربع المتر فقد طفف وبخس بمقدار هذا الربع . .
وهكذا في القسمة بين الناس وبين الأولاد ، وبين الأهل وكل ما فيه عطاء ، وأخذ بين اثنين ، الله تعالى أعلم . .
ومن باب ما يذكره العلماء في مناسبات السور بعضها من بعض . .
فقد قال أبو حيان لما ذكر السورة التي قبلها مصير الأبرار والفجار يوم القيامة ، ذكر هنا من موجبات ذلك وأهمها تطفيف الكيل ، وبخس الوزن ، وهذا في الجملة متوجه ، ولكن صريح قوله تعالى في السورة السابقة { وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } ، فهو وإن كان عاماً في كل ما قدمه لنفسه من عمل الخير ، وما أخر من أداء الواجبات عليه ، فإنه يتضمن أيضاً خصوص ما قدم من وفاء في الكيل ورجحان في الوزن ، وما أخر في تطفيف في الكيل وبخس طمعاً في المال وجمعاً للتراث ، كما قال تعالى : { وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً * كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ الاٌّ رْضُ دَكّاً دَكّاً * وَجَآءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً * وَجِىءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يالَيْتَنِى قَدَّمْتُ لِحَيَاتِى } . .
ومن هنا يعلم للعاقل أن ما طفف من كيل أو بخس من وزن ، مهما جمع منه ، فإنه يؤخره وراءه ومسؤول عنه ، ونادم عليه ، وقائل : يا ليتني قدمت لحياتي ، ولات ساعة مندم . { أَلا يَظُنُّ أُوْلَائِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ } . تقريع وتوبيخ لهؤلاء الناس ، وفيه مسألتان : .
الأولى : أن الباعث على هذا العمل هو عدم اليقين بالبعث أو اليقين موجود ، لكنهم يعلمون على غير الموقنين أي غير مبالين ، كما قال الشاعر في مثل ذلك ، وهو ما يسمى في البلاغة بلازم الفائدة : الأولى : أن الباعث على هذا العمل هو عدم اليقين بالبعث أو اليقين موجود ، لكنهم يعلمون على غير الموقنين أي غير مبالين ، كما قال الشاعر في مثل ذلك ، وهو ما يسمى في البلاغة بلازم الفائدة : % ( جاء شَقيق عارضاً رمحه % إن بَني عمك فيهم رماح ) % .
فالمتكلم يعلم أن شقيقاً عالم بوجود الرماح في بني عمه ، وأنهم مستعدون للحرب