@ 459 @ معه ، ولكنه رأى منه عدم المبالاة وعدم الاستعداد ، بأن وضع رمحه أمامه معترضاً فهو بمنزلة من لا يؤمن بوجود الرماح في بني عمه ، وهو لم يرد بكلامه معه أن يخبره بأمر يجهله ، ولكنه أراد أن ينبهه لما يجب عليه فعله من التأهب والاستعداد ، وهكذا هنا ، وهذا عام في كل مسوف ومتساهل كما جاء : ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ) إلخ . .
أي وهو مؤمن بالإيمان ولوازمه من الجزاء والحساب . .
المسألة الثانية من قوله تعالى : { يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } يفهم أن مطفف الكيل والوزن وهم يعلمون هذا حقيقة غالباً ولا يطلع عليه الطرف الآخر ، فيكون الله تعالى هو المطلع على فعله ، فهو الذي سيحاسبه ويناقشه ، لأنه خان الله الذي لا تخفى عليه خافية سبحانه ، ولذا قال تعالى : { يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } ولم يقل : يوم يقتص لكل إنسان من غريمه ، ويستوفي كل ذي حق حقه . .
تحذير شديد .
قال القرطبي عند هذه الآية : وعن عبد الملك بن مروان أن أعرابياً قال له : قد سمعت ما قال الله في المطففين فما ظنك بنفسك وأنت تأخذ أموال المسلمين بلا كيل ولا وزن . ا ه . .
إِنها مقالة ينبغي أن تقال لكل آكل أموال الناس بغير حق أياً كان هو ، وبأي وجه يكون ذلك . .
تنبيه .
من المعلوم أن كل متبايعين يطلب كل منهما الأحظ لنفسه ، فالمطفف لا بد أن يخفي طريقه على غريمه . .
وذكر علماء الحسبة طرقًا عديدة مما ينبغي لولي الأمر خاصة ، وللمتعامل مع غيره عامة ، أن يتنبه لها . .
من ذلك قالوا : أولاً من ناحية المكيال قد يكون جرم المكيال ليناً فيضغطه بين