@ 457 @ .
وتكلم الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه عند هذه الآية ، بما أشرنا إلى أنه عام ، فقال : الميزان هنا مراد به العدل والإنصاف ، وأن هذا المعنى متضمن آلة الوزن وزيادة . .
وأورد بقية الآيات هنا في مبحث مفصل ، فذكر آية الرحمان وآية الحديد ، وتكلم على الجميع بالتفصيل . .
وفي قوله تعالى في سورة الرحمان : { وَالسَّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ } ، مقابلة عظيمة بين رفع السماء الذي هو حق وعدل وقدرة ، والميزان وضعه في الأرض ، لتقوموا بالعدل والإنصاف ، وبهذا العدل قامت السماوات والأرض . .
وفي سورة الحديد اقتران الميزان بإرسال الرسل وإنزال الكتب { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ } . .
ومعلوم أن الميزان الذي أنزل مع الكتاب هو ميزان الحق والعدل ، والنهي عن أكل أموال الناس بغير حق ، وعدم بخس الناس أشياءهم . .
فكانت هذه الآية أعم وأشمل آيات الوفاء في الكيل والوزن ، بمثابة قوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الاحَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ } . .
وقد جمع لفظ الأمانة ليعم به كل ما يمكن أن يؤتمن الإنسان عليه . .
وكذلك هنا الميزان مع الكتاب المنزل ، وبه يستوفي كل إنسان حقه في أي نوع من أنواع التعامل ، فكل من غش في سلعة أو دلَّس أو زاد في عدد ، أو نقص أو زاد في ذرع ، أو نقص فهو مطفف للكيل ، داخل تحت الوعيد بالويل . .
فمن باع ذهباً مثلاً على أنه صافٍ من الغش وزن درهم ، وفيه من النحاس عشر الدرهم ، فقد نقص وطفف لنفسه فأخذ حق درهم كامل . ذهباً ، ونقص حيث أعطى درهماً إلا عشر . .
ومن باع رطلاً سمناً وفيه عشر الرطل شحماً ، فقد طفف بمقدار هذا العشر لنفسه ، ونقص وبخس المشتري بمقدار ذلك :