@ 440 @ .
ففي الحديث الأول : ما يفيد التقرير . .
وفي الثاني : ما يفيد شدة النكير . .
وجاء في صحيح مسلم أيضًا عن أبي سعيد ( غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة بني المصطلق ، فسبينا كرائم العرب ، فطالت علينا الغربة ، ورغبنا في الفداء ، فأردنا أن نستمتع ونعزل ، فقلنا : نفعل ذلك ؟ ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا ، لا نسأله ، فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( لا عليكم ألا تفعلوا ما كتب الله خلق نسمة هي كائنة إلى يوم القيامة إلا ستكون ) . .
وفي رواية : ( إن الله كتب من هو خالق إلى يوم القيامة ) . .
وفي رواية : ( فقال لنا : وإنكم لتفعلون ، وإنكم لتفعلون ، وإنكلم لتفعلون . ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا هي كائنة ) . .
وفي رواية : ( لا عَليكم ألاَّ تفعَلوا ، فإنما هو القدر ) . .
قال أبو محمد : وقوله : لا عليكم أقرب إلى النهي . .
وقال الحسن : والله لكأن هذا زجرٌ . .
فأنت ترى قوله صلى الله عليه وسلم : وإنكم لتغفلون ، مشعر بعدم علمه سابقاً ، مما يتعارض مع الزيادة في حديث جابر ، فبلغ ذلك النَّبي صلى الله عليه وسلم فلم ينهنا ، نبقي قول جابر ، مما يستدل به المجوزون ، ويعارضه : وهي الموءودة ، أو الوأد الخفي . .
وكان للوأد عند العرب في الجاهلية سببان : .
الأول : اقتصادي ، خشية إملاق ، ومن إملاق حاضر . .
والثاني : حمية وغيرة . .
وقد رد القرآن عليهم في السبب الأول ، في قوله تعالى : { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا } . .
وقوله : { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلَادَكُمْ مِّنْ إمْلَاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ } . .
وأخيراً كان هذا التساؤل شديد التوبيخ لهم ، { وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ } .