@ 439 @ .
وقد جاء عن عمر رضي الله عنه قوله : أمران في الجاهلية . أحدهما : يبكيني والآخر يضحكني . .
أما الذي يبكيني : فقد ذهبت بابنة لي لوأدها ، فكنت أحفر لها الحفرة وتنفض التراب عن لحيتي وهي لا تدري ماذا أريد لها ، فإذا تذكرت ذلك بكيت . .
والأخرى : كنت أصنع إلهًا من التمر أضعه عند رأس يحرسني ليلاً ، فإذا أصبحت معافى أكلته ، فإذا تذكرت ذلك ضحكت من نفسي . .
أما سبب إقدامهم على هذه الجريمة الشنيعة وما دفعهم على ارتكابها ، فقد ناقشه الشيخ رحمه الله تعالى علينا وعليه بتوسع ، عند قوله تعالى من سورة النحل { وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ * وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالاٍّ نْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِى التُّرَابِ أَلاَ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } . .
وبهذه المناسبة ، فإن هنا تنبيهين لا بد من إيرادهما . .
الأول منهما : ما يشبه الوأد في هذه الآونة الحديثة ، وهو التعرض لمنع الحمل بأي وسيلة كانت . .
وقد بحثت هذه المسألة قديماً وحديثاً . أما قديماً ففي عملية العزل ، وجاء فيه حديث جابر ( كنا نعزل والقرآن ينزل ) رواه مسلم . زاد إسحاق قال سفيان : لو كان شيئاً ينهي عنه لنهانا عنه القرآن . وجاء فيه : فبلغ ذلك النَّبي صلى الله عليه وسلم فلم ينهنا . .
كما جاء التحذير الشديد في حديث حذامة بنت وهب أخت عكاشة قالت : حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس قال : ( لقد هممت أن أنهي عن الغيلة فنظرت في الروم وفارس فإذا هم يغيلون أولادهم فلا يضر أولادهم ذلك شيئاً ) ، فسألوه عن العزل ، فقال : ( ذلك الوأد الخفي ) . .
زاد عبد الله في حديثه عن المقري زيادة وهي : وإذا الموءودة سئلت .