@ 282 @ ما وجب ، أو أحسن ما وجد . .
كما قال صلى الله عليه وسلم : ( وإياك وكرائم أموالهم ) . .
وفي الوقت الذي يدفع الغني فيه جزءاً من ماله يستشعر أنه يدفعه لوجه الله وينتظر أجره جل وعلا ، فأصبحت الزكاة بين عامل متحفظ ، وبين مالك متطوع عامل يخشى قوله صلى الله عليه وسلم : ( واتق دعوة المظلوم ، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ) ، ومالك يرجو في الحسنة عشر أمثالها وسبعمائة ، وزيادة مضاعفة . .
وقد وقعت قضية مذهلة لم يشهد نظام مالي في العالم مثلها ، وهي أنه : ذهب عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم للصدقة فمر برجل في قرية قريبة من المدينة بصاحب إبل فحسبها . فقال لصاحبها : أخرج بنت لبون . فقال صاحب الإبل : كيف أخرج بنت لبون في الزكاة ، وهي لا ظهر يركب ولا ضرع يحلب ، ولكن هذه ناقة كوماء ، فخذها في سبيل الله . فقال العامل : وكيف آخذ شيئاً لم يجب عليك ؟ فتلاحيا معاً ، العامل وصاحب المال وأخذا ، قال له العامل : إن كنت ولا بد مصرّاً فها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم منك قريب بالمدينة . اذهب بها إليه فإن قبلها منك أخذتها ، فذهب بها ، فقال له صلى الله عليه وسلم : ( أعن طيب نفس ) ؟ قال نعم يا رسول الله . فأمر العامل بأخذها ، فدعا له صلى الله عليه وسلم بالبركة فعاش حتى عهد معاوية . فكانت زكاة إبله هذه هي روح الزكاة في الإسلام لا ما يفعله أصحاب الأموال في النظم الأخرى . .
أما نظام الضرائب حيث يتهربون ، ويقللون ويتخذون دفاتر متعددة بعضها لمصلحة الضرائب يقلل فيها دخله وكسبه لتخف الضريبة عليه ، لأنه يراها مغرماً كالجزية ، وبعضها لنفسه ليعرف حقيقة ماله . .
أما الزكاة فإن مالكها يقدم زكاتها لوجه الله ليطهر ماله لقوله تعالى : { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } . .
وكما قال صلى الله عليه وسلم : ( إن أحدكم ليتصدق بالصدقة وإنها لتقع أول ما تقع في كف الرَّحمان فينميها له كما ينمي أحدكم فلوه أي ولد فرسه حتى تكون مثل جبل أُحد ) .