@ 186 @ إليه يعود الضمير إلى اللهو ، وهذا توجيه قد يسوغ لغة كما في قول نابغة ذبيان : وقال الزمخشري : حذف أحدهما لدلالة المذكور عليه ، وذكر قراءة أخرى ، انفضوا إليه يعود الضمير إلى اللهو ، وهذا توجيه قد يسوغ لغة كما في قول نابغة ذبيان : % ( وقد أراني ونعما لاهيين بها % والدهر والعيش لم يهمم بإمرار ) % .
فذكر الدهر والعيش ، وأعاد عليهما ضميراً منفرداً اكتفاء بأحدهما عن الآخر للعلم به ، وهو كما قال ابن مالك : وحذف ما يعلم جائز . .
وقد ذكر الشيخ رحمه الله لهذا نظائر في غير عود الضمير ، كقوله تعالى : { وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ } ، فالتي تقي الحر ، تقي البرد ، فاكتفى بذكر أحدهما لدلالته على الآخر ، ولكن المقام هنا خلاف ذلك . .
وقد قال الشيخ عن هذه الآية في دفع إيهام الاضطراب : لا يخفى أن أصل مرجع الضمير هو الأحد الدائر بين التجارة واللهو ، بدلالة لفظة أو على ذلك ، ولكن الضمير رجع إلى التجارة وحدها دون اللهو ، فبينه وبين مفسره بعض منافاة في الجملة ، والجواب : أن التجارة أهم من اللهو وأقوى سبباً في الانفضاض عن النَّبي صلى الله عليه وسلم لأنهم انفضوا من أجل العير واللهو كان من أجل قدومها ، مع أن اللغة يجوز فيها رجوع الضمير لأحد المذكورين قبله . أما في العطف بأو فواضح ، كقوله تعالى : { وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً } . .
وأما الواو فهو فيها كثير كقوله { وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلَواةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ } وقوله { وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ } ، وقوله : { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ } ا ه . .
أي أن هذه الأمثلة كلها يذكر فيها أمران ، ويعود الضمير على واحد منهما . .
وبناء على جواب الشيخ رحمة الله تعالى عليه ، يمكن القول بأن عود الضمير على أحد المذكورين ، إما لتساويهما في الماصدق ، وإما لمعنى زائد فيما عاد عليه الضمير . .
فمن المتساويين قوله تعالى : { وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً } لتساويهما في النهي والعصيان ، ومما له معنى زائد قوله تعالى : { وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلَواةِ } وإنها أي الصلاة ، لأنها أخص من عموم الصبر ، ووجود الأخص يقتضي وجود الأعم دون العكس ، ولأن الصلاة وسيلة للصبر ، كما في الحديث : ( كان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمرهم فزع إلى الصلاة ) .