@ 185 @ .
وقد جاء عند مالك في الموطإ : أن عثمان دخل يوم الجمعة وعمر يخطب فعاتبه على تأخره ، فأخبره أنه ما إن سمع النداء حتى توضأ ، وأتى إلى المسجد ، فقال له : والوضوء أيضاً ، وذلك بمحضر من الصحابة ، فلم يأمره بالعودة إلى الغسل ، ولو كان واجباً لما تركه عثمان من نفسه ، ولا أقره عمر وتركه على وضوئه . .
فقال الجمهور : إن الحديث الأول قد نسخ الوجوب فيه بحديث المفاضلة المذكور ، واستدلُّوا على ذلك بأمرين : الأول قصة عمر مع عثمان هذه . .
والثاني : قول عائشة رضي الله عنها كانوا في أول الأمر هم فعلة أنفسهم فكانوا يأتون إلى المسجد ويشتد عرقهم فتظهر لهم روائح فعزم عليهم صلى الله عليه وسلم بالغسل ، ولما فتح الله عليهم وجاءتهم العلوج وكفوا مؤنة العمل ، رخص لهم في ذلك ، وهذا هو مذهب الجمهور ، كما قدمنا . .
وعند الظاهرية وجوب الغسل ، ولكن لليوم لا للجمعة ، لنص الحديث : غسل يوم الجمعة ولم يقل الغسل لصلاة الجمعة ، واستدلوا لما ذهبوا إليه من النصوص في تعهد الشعور والأظافر والغسل بصيغة عامة كل يوم على الإطلاق ، وقيدوه في الغسل بخصوص الجمعة . وعليه فإن من لم يغتسل عندهم قبل الصلاة فعليه أن يغتسل بعدها ، وأنه ليس شرطاً عندهم لصحتها ، والذي يظهر هو صحة مذهب الجمهور لأمرين : .
الأول : أن مناسبة الغسل في هذا اليوم أنسب ما تكون لهذا التجمع ، كما أشارت عائشة رضي الله عنها ، فإذا أهدرنا هذه المناسبة كان يوم الجمعة وغيره سواء . .
الثاني : أن سياق الآية يشير إشارة خفية إلى عدم وجوب الغسل ، لأنه لم يذكر نوع طهارة عند السعي بعد الأذان ، ومعلوم أنه لا بد من طهر لها ، فيكون إحالة على الآية الثانية العامة في كل الصلوات ، { إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلواةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ } . فيكتفي بالوضوء وتحصل الفضلية بالغسل . والعلم عند الله تعالى . قوله تعالى : { وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّواْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِماً } . في عود الضمير على التجارة وحدها مغايرة لذكر اللهو معها . .
وقال الزمخشري : حذف أحدهما لدلالة المذكور عليه ، وذكر قراءة أخرى ، انفضوا